بقلم-رانيا ضيف
كل عام هو فصل من فصول قصتنا على الأرض، قبل نهاية كل فصل في قصتي أختلي بذاتي ليلا، أغلق الأنوار، أكتفي بإضاءات خافتة وشموع بعطور ناعمة تبعث في نفسي الطمأنينة والاسترخاء. أتمدد على أريكتي الخاصة، أجلس مع نفسي أطبطب وأثني عليها، أحاول أن أكفر عن خطأي في حقها طوال العام.
أعتذر عن كل موقف لم أقف جوارها، وأندم على كل فعل عنفتها بسببه وأطلب الصفح عن مواقف الخذلان التي عرضتها لها ثم لمتها عليها!
أحاول معرفة ما تم تعطيله من جوانبها المضيئة وما تم تفعيله من جانبها المظلم!
أقارن بين حجم سلامها النفسي لهذا العام مقارنة بالأعوام السابقة.
هل زاد المخزون أم قل وشح!
أفتّش في غرف قلبي عن الحب والأحبة.
أمازالوا ينعمون بحبي أم غادروا لغرف النسيان واحتلوا رفوف الذكرى؟!
أفتح غرفة الإنجاز هل أضفت إليها ملفات جديدة أم أن المكان مغلق وكست أغلفته الأتربة!
أحاول التلصص على عقلي الباطن هل مازال متحكما كربان سفينة تلاطمها الأمواج في أعالي البحار أم تحرر عقلي الواعي من سيطرته قليلا؟!
أمرّ على مرآتي الداخلية ترى كيف أصبحت الآن
هل تغيرت ملامحي؟!كيف أراني اليوم؟
هل زاد العام الجديد تناثر الشيب في مقدمة رأسي أم كافحت باقي بصيلات شعري ولم تتخل عن لونها الأسود بعد؟!
هل أصبحت بحاجة لكريمات تقاوم التجاعيد الخفيفة بجانب عيني أم أن وجهي مازال يستمد إشراقه من اتصاله بقلبي المفعم بالحب؟
أترك مرآتي وأذهب بتوجس إلى غرفة الخذلان،
تلك الغرفة التي لا تكف عن استقبال الزائرين
ولا تكف عن استنزاف صفحي أبدا!
ترى هل باقٍ لدي رصيد من الغفران أم أنفقته على العابرين المسيئين طوال العام ؟!
طرقت باب الغرفة وقلبي يتوارى خلفي خجلا
يعلم أنه من سلمني إليهم في غفلة مني!
التقت عيوني بعيونهم، لم ألحظ فيهم انكسارا ولا ندما بل كانوا شاهرين سيف الكراهية والحقد بوجهي، هؤلاء الذين تغذوا من قبل على حنان قلبي ونهلوا من خيري وعطفي!
تركتهم في غيهم، أدرت ظهري، خرجت وهممت بأن أوصد الباب خلفي، استوقفني صوت أحدهم:
ألن تحدثينا؟! ألن تغفري لنا؟!
تعجبت حين نظرت إليهم للمرة الأخيرة؛ حتى وهم يطلبون الغفران بلا قلب!
قلت: بلى؛ غفرت.
وتركتهم وذهبت!
أسرعت خطواتي نحو نافذة المستقبل كنت بحاجة لأن أتنفس، أستنشق هواءً جديدا، أرى وجوه أخرى، أنتظر شروق العام الجديد لأنثر أمنياتي.