كتبت/ رانده حسن
اختصاصى نفسي
سؤال لا ينتهى التفكير فيه من الأبناء وسؤال لايوجد إجابة وافية تشفى صدورهم .
لماذا الأب قاسي؟
الأب القاسي هو أبٌ غير رفيق أو غير رقيق القلب ، قاسي ملامح الوجه والقلب ، أحكامه مثل وجهه ، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : ((إن الله رفيق يحب الرفق ، ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، وما نزع الرفق من شيء إلا شانه)) .
هذا الأب وهو صغير كان طفل أيضا ، ولكنه تربى على الخشونة والغلظة وقسوة القلب وجفاء المشاعر ، تربى على أن الرجال لا تبكى ، وأن الرجل القاسى هو الرجل ، والحنان والعطف والرقة للإناث فقط ، هذا الفكر العقيم المتخلف جعل من هؤلاء الأطفال الأب القاسى و الأم القاسية بعض الأحيان ، التربية أهم عامل يجعل إبنك أو ابنتك إنسان سوى خلقا وأسلوبا وكلاما وأفعالا .
لكن نجد فى كثير من الأماكن خاصة الريفية أو الجنوب ، الأبناء تتربى على الاتى:
الولد لايلعب مع البنت ، البنت طبقة أقل من الولد ، فالولد لا يتساوى مع البنت اقل منه مرتبة ، حتى فى الوجبات لازم يأكل الولد أكثر لأنه ذكر وهو من يعمل البنت مكانها البيت ، وليس هام أصلا إذا أكلت المهم الولد .
البنت تخدم الولد ؤالولد يجلس مكانه .
البنت تطيع الولد حتى لو الولد من الأساس لا يعى ولا يفهم وهى أكثر منه علما ودراسة ، لا بل هى لا تفهم وهو الذى يعرف (تقريبا كل شىء على ظهر هذا الكوكب ).
عند الزواج الزوجة هى الجارية المطيعة للزوج تطيعه وتسمع أوامره ،له ولعائلته من الصغير للكبير وإذا لم تفعل تصبح الزوجة الناشز ، بل وتحق هى وأهلها لأنهم لم يجعلوا منها جارية وخادمة لهذا الزوج وأهله وحاشيته.
نحن على بدايات القرن الثانى والعشرين ، وهناك أهل يربون أولادهم الذكور على أنهم طلباتهم مجابة وأوامرهم مطاعة ، فهل بعد أن يتزوج هذا الولد الذى تربى على أنه المبجل والمفضل لذويه ، هناك من يعترض على رأيه أو أفكاره ، بل هل هناك من يستطيع حتى التفكير بأنه يكون خارج دائرة الأب بما يراه هو ، غير مهتم بما يشعر به الأبناء أو يريدونه أو الهدف من الحياة ، أهم المهارات أو الرغبات أو الأهداف التى يسعون لتحقيقها بل التى يراها فقط الأب ، والكارثة الأكبر إذا قامت الأم بالانحياز لصف أبنائها ، فهنا ينقسم البيت إلى فريقين الأب منفصلا عن الأم والأبناء العاقين الذين فكروا أن يعبروا عن ما بداخلهم.
القسوة تظهر على ملامح الوجه ، نبرة الصوت ، خواء القلب من المشاعر والحنية ، لا يرى الآباء القساة إلا أنفسهم ولا يعطون نفسهم وقت للتفكير أن يجلسوا مع الأم والأبناء لمناقشة أمور حياتهم ويوضح لهم ماهو الأفضل لهم بخبرته وحنانه وحبه وعطفه لكسب قلوبهم ونفذوا رأيه إذا كان مناسب لهم ، أو يوضحوا رأيهم ويوضح لهم ما هو الصواب وماهو الخطأ.
لا تسأل الأبناء لماذا تكره هذا الأب القاسى لأن الأب عاق أبناؤه قبل أن يعاق الأبناء أباهم.
من قال أن الحنان و الرحمة والعطف ليست من سمات الرجال ، من قال أن القلب العطوف الرقيق ليست من سمات الرجال ، إن الرحمة والمغفرة والعطف أهم مايميز الرجل ويجعل من أسرته زوجته وأبنائه وأهله وأصدقائه وجيرانه ، إحترام وحب ومودة ولا يتخيلون الحياة بدونه .
ارحموا ترحموا ، كفانا قسوة قلوب فالحياة لا ترحم من عمل وكد ومشقة ، فلنجعل القلوب عامرة بالدفء والحنان والعطف والرقة من الرجال قبل الإناث.