د. حمدان محمد
الإسلام أكد حق الجوار وحث عليه وجعله كالقرابه بل أمر الله بالإحسان إلى الجار بعد أمره بعبادته فقال تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ} سورة النساء(36).
أما السنَّةُ النبويةُ فقد إستفاضت نصوصُها في بيان رعاية حقوقِ الجارِ والوصايةِ به وصيانةِ عرضه والحفاظ على شرفه وستر عورته وسدّ خلَّته وغضِّ البصر عن محارمه والبعد عن كل ما يريبه ويسيء إليه ومن أجلِّ تلك النصوص وأعظمها ما جاء في الصحيحين من حديث عائشة وإبن عمر…قَالَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ»
أي: ظننت أنه سَيبْلُغني عن الله الأمرُ بتوريث الجارِ
وَقَالَ «لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ» . وَكَانَ «أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: «مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ، وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ» . وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى وُجُوبِ ذَلِكَ.
فالجوار في اللغة – بكسر الجيم – مصدر جاور يقال جاور جواراً ومجاورة أيضاً.
ومن معاني الجوار المساكنة والملاصقة والاعتكاف في المسجد والعهد والأمان
ومن الجوار الجار ويطلق على معان منها : المجاور في المسكن
والشّريك في العقار أو التّجارة
والزّوج والزّوجة
والحليف
والنّاصر
والجار في الإصطلاح الشرعي هو من جاورك جوارًا شرعيًّا سواء كان مسلمًا أو كافرًا برًّا أو فاجرًا صديقًا أو عدوًّا محسنًا أو مسيئًا نافعًا أو ضارًّا قريبًا أو أجنبيًّا وله مراتب بعضها أعلى من بعض تزيد وتنقص بحسب قربه وقرابته ودينه وتقواه ونحو ذلك فيعطى بحسب حاله وما يستحق
والجار أقسام: عَنْ جَابِرِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلي الله عليه وسلم قال الْجِيرَانُ ثَلَاثَةٌ:
جَارٌ لَهُ حَقٌّ وَاحِدٌ وَهُوَ أَدْنَى الْجِيرَانِ حَقًّا
وَجَارٌ لَهُ حَقَّانِ
وَجَارٌ لَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ وَهُوَ أَفْضَلُ الْجِيرَانِ حَقًّا
فَأَمَّا الْجَارُ الَّذِي لَهُ حَقٌّ وَاحِدٌ فَالْجَارُ الْمُشْرِكُ لَا رَحِمَ لَهُ وَلَهُ حَقُّ الْجِوَارِ
وَأَمَّا الَّذِي لَهُ حَقَّانِ فَالْجَارُ الْمُسْلِمُ لَا رَحِمَ لَهُ وَلَهُ حَقُّ الْإِسْلَامِ وَحَقُّ الْجِوَارِ
وَأَمَّا الَّذِي لَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ فَجَارَ مُسْلِمٌ ذُو رَحِمٍ لَهُ حَقُّ الْإِسْلَامِ وَحَقُّ الْجِوَارِ وَحَقُّ الرَّحِمِ وَأَدْنَى حَقِّ الْجِوَارِ أَنْ لَا تُؤْذِي جَارَكَ بِقُتَارِ قِدْرِكَ إِلَّا أَنْ تَقْدَحَ لَهُ مِنْهَا
الأول: فَالْجَارُ الَّذِي لَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ الْجَارُ الْمُسْلِمُ ذُو الرَّحِمِ فَلَهُ حَقُّ الْجِوَارِوَحَقُّ الْإِسْلَامِ وَحَقُّ الرَّحِمِ
والثاني: الَّذِي لَهُ حَقَّانِ فَالْجَارُ الْمُسْلِمُ لَهُ حَقُّ الْجِوَارِ وَحَقُّ الْإِسْلَامِ
والثالث: الَّذِي لَهُ حَقٌّ وَاحِدٌ فَالْجَارُ الْمُشْرِكُ» له حق الجوار فقط
أما حدّ الجوار: فقد إختلفت عباراتُ أهل العلم في حدِّ الجوار المعتبر شرعًا والأقرب والله أعلم أن حدَّ الجوار يُرجع فيه إلى عُرْفِ الناس فما عُلِمَ عُرْفًا أنه جارٌ فهو جار
ولا ريب أن الجوارَ في المسكن هو أچل صور الجوار وأوضحُها ولكنَّ مفهوم الجار والجوار لا يقتصر على ذلك فحسب بل هو أعمُّ من ذلك وأشمل فالجار معتبرٌ في المتجر والسوق والمزرعة ومفهومُ الجارِ يشمل الرفيقَ في السفرفإنه مجاورٌ لصاحبه مكانًا وبدنًا
والزوجةُ كذلك تسمى جارةً لوچودها بجانب زوچها
وكذلك مفهومُ الجوارِ يشمل الجوارَ بين المدن والدول والممالك فلكل منهما حق على الآخر وقيل في الأمثال
…اختر الجار قبل الدار …
ومن اعقل من آسية عندما قالت
{ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ } [التحريم: 11]
إختارت الجار قبل الدار وبالفعل لايوچد أفضل من چوار الله سبحانه وتعالى
لذلك حث الإسلام على حقوق وواجبات للجار
فحقوق الجار على وجه التفصيل كثيرة جدًّا أما أصولها فتكاد ترجع إلى أربعة حقوق.
أولها.
كف الأذى: فالأذى على كل أحد بغير حق محرم وأذية الجار أشد تحريمًاوالاذي يكون بالقول من سباب وغيره ويكون بالفعل برمي القاذورات أمام منزله وعلو الصوت الذي يؤذيه وغيره مما نراه ونسمع عنه الآن فعن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ» قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «جَارٌ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ» قَالُوا: وَمَا بَوَائِقُهُ؟ قَالَ: «شَرُّهُ»
الْبَوَائِق جَمْع بَائِقَة وَهِيَ الدَّاهِيَة وَالشَّيْء الْمُهْلِك وَالْأَمْر الشَّدِيد الَّذِي يُوَافِي بَغْتَة بل أقسم النبي صلى الله عليه وسلم على أن من يؤذي جاره ولا يُؤمَن من شروره بأنه منتف عنه الإيمان
وفي الصحيحين من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ الله قالَ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره
وفي مسند الإمام أحمد والأدب المفرد للبخاري وعند الحاكم وصحَّحه ووافقه الذهبي
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَقَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ إِنَّ فُلَانَةَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا فَقَالَ:
«لَا خَيْرَ فِيهَا هِيَ فِي النَّارِ» قِيلَ: فَإِنَّ فُلَانَةَ تُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَتَصَدَّقُ بِأَثْوَارٍ مِنْ أَقِطٍ (الأقط وهو اللبن الجامد المستحجر) وَلَا تُؤْذِي أَحَدًا بِلِسَانِهَا قَالَ: «هِيَ فِي الْجَنَّةِ،،
ومن إيذاء الجار التطلع الي نسائه والنبي يقول فيما رواه أحمد والطبراني في الكبيروالأوسط
عن المقداد بْنَ الْأَسْوَدِ يَقُولُ: سَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ أَصْحَابَهُ عَنِ الزِّنَا؟ قَالُوا: حَرَامٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَقَالَ: لِأَنْ يَسْرِقَ مِنْ عَشَرَةِ أَهْلِ أَبْيَاتٍ أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَسْرِقَ مِنْ بَيْتِ جَارِهِ
وقد قال عنترة بن شداد :
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي
حتى يواري جارتي مثواها
الثاني.
من حقوق الجار حماية الجار: همّة الرجل في نهوضُه لإنقاذ جاره من بلاءٍ يُنال به في عرضه أو بدنه أو ماله أو نحو ذلك ولقد كان العرب في الجاهلية يعظمون حق الجار ويحترمون الجوار ويعتزون ويفخرون بذلك فعند البخاري وغيره ورواه أهل السير عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ وَلَمْ يَمُرَّعَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ طَرَفَيِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ حَتَّى إذا بلغ برك الغماد لقيه بن الدَّغِنَّةِ وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الْأَرْضِ فَأَعْبُدَ ربي فقال بن الدَّغِنَةِ إِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ إِنَّكَ تُكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ وَأَنَا لَكَ جَارٌ فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ فَارْتَحَلَ ابْنُ الدُّغُنَّةِ فَرَجَعَ مَعَ أبي بكر فطاف بن الدُّغُنَّةِ فِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ وَقَالَ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يُخْرَجُ مِثْلُهُ وَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَيَصِلُ الرَّحِمَ وَيَحْمِلُ الْكَلَّ وَيَقْرِي الضَّيْفَ وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ؟!فَأَنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ بن الدَّغِنَةِ وَأَمَّنُوا أَبَا بَكْرٍ وَقَالَتْ لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ ربه في داره ما شاءوَلْيُصَلِّ فِيهَا مَا شَاءَ وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ وَلَا يُؤْذِينَا وَلَا يَسْتَعْلِنْ بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ فَفَعَلَ ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَتَقِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُالْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ وَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا: إِنَّا قَدْ أَجَرْنَا لَكَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ فِي دَارِهِ وَإِنَّهُ جَاوَزَ ذَلِكَ وَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَأَعْلَنَ بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ فِي دَارِهِ فَعَلَ وَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ ذَلِكَ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ بِالِاسْتِعْلَانِ فَأَتَى ابْنُ الدُّغُنَّةِ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّ ذِمَّتِي فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي عَقْدِ رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فإني أرد إليه جوارك وأرضى بجوار الله ورسوله
وكثرة أشعار العرب في هذا قال عنترة :
وإني لأحمي الجارَ من كل ذلّة
وأفرحُ بالضيف المقيم وأَبْهَجُ
وقالت الخنساءُ تمدح أخاها بحمايته جارَه:
وجارُكَ مَحْفُوظٌ منيعٌ بنجوة
من الضيم لا يُؤذى ولا يتذللُ
بل لقد غالى العرب وبالغوا في المحاماة عن الجار إذ لم تتوقَّف محاماتُهم عن الجار الإنسان بل لقد تعدّوا ذلك
فأجاروا ما ليس بإنسان إذا نزل حول بيوتهم حتى ولو كان لا يعقل ولا يستجير مبالغةً في الكرامة والعزَّة وتحديًا لأن يَخْفِرُ الجوارَ أحدٌ مثل ما فعل مدلجُ بنُ سويدٍ الطائيُّ الذي نزل الجرادُ حول خبائه فمنع أن يصيدَه أحدٌ حتى طار وبَعُدَ عنه
الثالثُ .
من حقوق الجار: الإحسانُ إليه فذلك دليل على الفضل وبرهان الإيمان وعنوان الصدق ومن حق الجار على جاره الهدية والعون ولو باليسير
فعن أبى هريرة قَالَ: النَّبِيُّ يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تحقرنَّ جارةٌ لجارتها ولو فِرْسنَ شاة. والفرسن هو ظلف الإبل أو الشاة
وهذا يدل على أهمية العناية بالجار ولو بالشيء القليل وكل ذلك من أجل تقارب القلوب فإن العنايه بالجار لها أثر بالغ في نفوس الآخرين
بل اشترط النبي صلى الله عليه وسلم لتمام الإيمان بالله واليوم الآخر إكرام الجار»
ومن ضروب الإحسان إلى الجار تعزيته عند المصيبة وأن يصنع له طعام لئنشغاله بمصابه كما أمر النبي بذلك عندما استشهد جعفر فعند أصحاب السنن من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ لَمَّا جَاءَ نَعْىُ جَعْفَرٍ قَالَ النَّبِىُّ اصْنَعُوا لأَهْلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ »
وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ شَىْءٌ لِشُغْلِهِمْ بِالْمُصِيبَةِ
قَالَ اِبْن الْهُمَام فِي فَتْح الْقَدِير شَرْح الْهِدَايَة : يُسْتَحَبّ لِجِيرَانِ أَهْل الْمَيِّت وَالْأَقْرِبَاء الْأَبَاعِد تَهْيِئَة طَعَام لَهُمْ يُشْبِعهُمْ لَيْلَتهمْ وَيَوْمهمْ ومن ضروب الإحسان إلى الجار تهنئته عند الفرح وعيادته عند المرض وبداءته بالسلام وطلاقة الوجه عند لقائه وإرشاده إلى ما ينفعه في دينه ودنياه
الرابع.
من حقوق الجار إحتمال أذاه : وذلك بأن يغضيَ عن هفواته ويتلقى بالصفح كثيرًا من زلاته ولا سيّما إساءةً صدرت من غير قصد أو إساءةً ندم عليها وجاء معتذرًا منها فإحتمالُ أذى الجارِ ومقابلةُ إساءتِه بالإحسان من أرفع الأخلاق وأعلى الشيم
ولقد فقه السلف هذا المعنى وعملوا به روى المرّوذي عن الحسن : ليس حسنُ الجوارِ كفَّ الأذى حسنُ الجوارِ الصبرُ على الأذى
هذه هي الأصولُ الأربعةُ التي عليها مدارُ حقوقِ الجارِ، ومع عظم ذلك الحقِّ إلا أن هناك تقصيرًا كبيرًا في حقِّ الجار من كثيرٍ من الناس
فنسأل الله الهدايه والمغفره.
اللهم أغفر لنا ولأباءنا وأمهاتنا وأزواجنا وذرياتنا وكل عزيز لدينا يارب العالمين