م / رمضان بهيج
“لنا في الله ظن لا يخيب”
قال الله تعالى: وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ يوسف /٨٧ .
تعتبر عبارة “لنا في الله ظن لا يخيب” من أعمق العبارات التي تعبر عن الإيمان الراسخ بالله تعالى والثقة المطمئنة بفضله وكرمه. هذه العبارة تحمل في طياتها معانٍ عميقة تتعلق بطبيعة العلاقة بين العبد وربه، وتؤكد على أهمية حسن الظن بالله في حياة المؤمن.
قوله تعالى : وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم أي أهلككم فأوردكم النار . سورة فصلت أية ٢٣. قال قتادة : الظن هنا بمعنى العلم . وقال النبي – صلى الله عليه وسلم – : لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله ، فإن قوما أساءوا الظن بربهم فأهلكهم ، فذلك قوله : وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم .
تعني هذه العبارة أن المؤمنين يعتقدون إيمانًا راسخًا بأن الله لن يخيب ظنهم فيه أبدًا، مهما كانت الظروف والأحوال التي يمرون بها. فهم يثقون بأن الله سيعطيهم الخير في الدنيا والآخرة، وسيكتب لهم النجاة والفوز.
يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: [أنا عند ظن عبدي بي]. من ظن بالله خيرا أفاض عليه جزيل خيراته وجميل كراماته، ومن عامل الله باليقين أدهشه الله من عطائه بما يفوق خياله، فالله جل جلاله يعامل عباده على حسب ظنونهم به، ويفعل بهم ما يتوقعونه منه .
حسن الظن بالله: يشير هذا الجزء من العبارة إلى أهمية أن يحسن العبد ظنه بربه، وأن يعتقد أنه تعالى دائمًا بجانبه، وأن الخير قادم إليه لا محالة. حسن الظن بالله هو أساس السعادة والطمأنينة في القلب، وهو يزيد من قوة الإيمان ويقوي العلاقة بين العبد وربه.
لا يخيب: يعبر هذا الجزء عن الثقة التامة بأن الله لن يخلف وعده، ولن يخذل من توكل عليه وتوكل على قضائه وقدره. فهو سبحانه وتعالى العادل الحكيم، وهو أعلم بما فيه خير لعباده.
قال ابن القيم -رحمه الله-: “كلما كان العبد حَسن الظَّن بالله، حَسن الرَّجاء له، صادق التوكُّل عليه: فإنَّ الله لا يخيِّب أمله فيه البتَّة؛ فإنَّه سبحانه لا يخيِّب أمل آملٍ، ولا يضيِّع عمل عاملٍ”. قال ابن القيم -رحمه الله-: “على قدر حُسْن ظنِّك بربِّك ورجائك له، يكون توكُّلك عليه”.
أثر هذه العبارة على حياة المؤمن:
راحة نفسية وطمأنينة قلبية: عندما يؤمن الإنسان بأن الله معه، وأن الله لن يخيب ظنه، يشعر براحة نفسية كبيرة وطمأنينة قلبية. فالإيمان بالله هو الملاذ الآمن الذي يلجأ إليه الإنسان في كل أوقاته.وحسن الظن بالله عبادة وسعادة .
تعزز الثقة وحسن الظن بالآخرين راحة للقلب وسلامة للنفس، فهما يدعمان الروابط المجتمعية ويحمون القلوب من الأحقاد. في ضوء وصايا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، …
زيادة الإيمان والتقوى: يؤدي حسن الظن بالله إلى زيادة الإيمان والتقوى في قلب المؤمن، فهو يسعى جاهدًا لإرضاء ربه، ويعمل صالحًا لكي ينال رضاه.
فاتقوا الله أيها المسلمون واعلموا أن التقوى هي أجمل لباس يتزين به العبد وأفضل زاد يتزود به العبد قال تعالى : ( ولباس التقوى ذلك خير ) وقال تعالى : ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) . قال بكرٍ المزني ( رحمه الله ) : لمًا كانت فتنة ابن الأشعث ، قال طلق بن حبيب ( رحمه الله )
الصبر والثبات: عندما يواجه المؤمن الصعاب والمحن، يتذكر هذه العبارة ويتمسك بها، فيصبر ويثبت على طاعة ربه، على يقين بأن الله سيفرج عنه كربه.
الأمل والتفاؤل: يعيش المؤمن حياة مليئة بالأمل والتفاؤل، فهو ينظر إلى المستقبل بثقة تامة، ويعلم أن الله سيحقق له الخير في الدنيا والآخرة.
إن عبارة “لنا في الله ظن لا يخيب” هي عبارة جامعة مانعة، تحمل في طياتها الكثير من المعاني العظيمة. وهي دعوة لكل مؤمن أن يتحلى بحسن الظن بربه، وأن يثق في قدرته وعلمه وحكمته. فالإيمان بالله هو أساس السعادة والنجاح في الحياة الدنيا والآخرة.