– الهندسة المقدسة وتأثير العمارة المصرية القديمة.
– لقاء مع سفير اليابان في مصر وانطباعه الأول عن كتاب “العجائب الهندسية للعمارة المصرية”.
– كان إثبات ما أشعر به من تأثير حيوي وكيف أشرحه للناس أكبر التحديات والمحفزات.
حوار- رانيا ضيف
الدكتورة غادة يوسف الباحثة المصرية متعددة التخصصات، حاصلة على دكتوراة في الصحة النفسية، تجمع بين المعرفة الأكاديمية والخبرة العملية في علوم النفس، والتغذية العلاجية، وتاريخ مصر القديمة، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية من جامعة القاهرة،، إلى جانب دبلوم في التغذية العلاجية من جامعة ستانفورد الأمريكية. وبحكم اهتمامها العميق بتاريخ وآثار مصر القديمة، تخصصت في دراسة الهندسة المقدسة وتأثير المعمار المصري على الإنسان.
بجانب دراستها الأكاديمية، حصلت الدكتورة غادة على شهادات تدريبية في تقنيات علاجية حديثة مثل تقنيات “Peat”، تجمع بين المعرفة العلمية والروحانية لتقدم رؤى جديدة حول تأثير العمارة المصرية القديمة على صحة الإنسان وطاقته، مما جعلها تقدم إسهامًا قيّمًا في مجال بحثها.
هذه الخلفية المتنوعة تمنحها قدرة فريدة على استكشاف العلاقة العميقة بين الإنسان والطاقة والمكان، مما يجعل حديثها عن كتابها “العجائب الهندسية للعمارة المصرية” حافلاً بالمعلومات المثيرة والمدعومة علميًا.
نرحب بكِ دكتورة غادة، ونهنئكِ على إصدار هذا الكتاب القيم الذي يفتح لنا نافذة جديدة لفهم تأثير العمارة المصرية القديمة على الإنسان. سننطلق معكِ في رحلة لسبر أغوار الكتاب واكتشاف أهم ما يتضمنه من معلومات ورؤى فريدة.
١- ما الذي ألهمك للبحث في موضوع “الهندسة المقدسة” وربطه بالثقافة المصرية القديمة؟
-الذي ألهمني في الحقيقة هو دراستي في عام 2013 لعلم البايوچومتري، والذي أسسه الدكتور إبراهيم كريم. في هذا العلم ندرس التأثير الحيوي للأشكال الهندسية.
وجاءت الفكرة بتوفيق من الله عندما دخلت الهرم الأكبر عام 2020، حيث شعرت بوجود تأثير قوي حدث لي بشكلٍ ما. فقررت العودة مع صديقة لي ومعنا جهاز رنين حيوي لقياس مدى صحة ما شعرت به. تم قياس حالتي وحالة صديقتي باستخدام الجهاز قبل الزيارة وبعدها، ولاحظنا اختلافًا واضحًا في التأثير الحيوي قبل الزيارة وبعدها.
عندها قررت اصطحاب جهازي في رحلات مختلفة في أنحاء مصر لإعادة القياسات قبل وبعد الزيارات على أشخاص آخرين للتأكد من صحة المعلومة، ووجدت بالفعل النتيجة نفسها، مما أدهشني بعظمة القدماء المصريين في بناء منشآتهم المتوازنة هندسيًا وفلكيًا، وحسن اختيار موقع البناء واتجاهه، بحيث يكون له تأثير قوي على كل من يدخله.
٢- برع المصري القديم في تصميم المعابد من الناحية الهندسية والفلكية، هل تعتقدين أن هذا التصميم كان مقصودًا بهدف التأثير على الزوار روحيًا أو جسديًا؟
-معرفة المصري القديم بعلوم الفلك وبراعته في الحساب والرياضيات والهندسة كانت من ثمارها كل بناء تركه لنا، والدليل عظمة الأهرامات والمسلات والمعابد الباقية شامخة على أرض مصر رغم الزمن. سبحان الله، وكأنها آية من الله واجتهاد وإخلاص إنسان.
المصري القديم عُرف عنه بحثه طوال الوقت عن الإله بعقيدة ثابتة وإيمان كبير. كان من ضمن عقيدته أن الصحة النفسية والجسدية والعقلية في غاية الأهمية، وأنه يجب الحفاظ عليها وتسليم الجسد للموت كاملًا قدر الإمكان. وبالتالي كان من محور حياته البحث عن الاتزان. والإتقان والإبداع كانا هدفًا من أهداف المصري القديم، وفي اعتقادي نعم، كان مقصودًا بهدف التأثير على الزوار روحيًا وجسديًا.
٣- كيف يعمل جهاز الرنين الحيوي الذي استخدمتيه في قياس التغيرات قبل وبعد الزيارة؟
وهل هناك تأثيرات معينة تم قياسها بشكل واضح لدى الأشخاص الذين زاروا المواقع المصرية القديمة؟
-أجهزة الرنين الحيوي تعمل على قياس ترددات وذبذبات الجسم، ونحن بطبيعة الحال نعيش في عالم ذبذبي نؤثر فيه ونتأثر به. وهناك مستشفيات في دبي تستخدم أجهزة متطورة من الرنين الحيوي لتشخيص وعلاج الأمراض.
نعم، تم قياس الجسد وما حوله من ذبذبات، كذبذبات المخ مثلاً، قبل وبعد.
٤- ما الأشكال الهندسية التي تكررت في تصميم المعابد، وما هو التفسير المحتمل وراء ذلك؟
– اعتقد أن الشكل الهرمي كبناء، ومفتاح الحياة كرمز، استخدمهما المصري القديم كأشكال هندسية ذات رموز لحاجة في نفس يعقوب قضاها.
٥-هل تجدين رابطًا بين هذه التأثيرات الحيوية والنظريات الروحانية أو الفلسفية التي كانت سائدة في مصر القديمة؟
-نعم، لأنها تؤدي إلى نتيجة تخدم هدفه في الوصول إلى التوازن، والعقل السليم في الجسم السليم. وسلامة العقل والنفس والجسد من وسائل معرفة الإله وعبادته، والقيام بالدور المنوط به في الحياة وترك أثر يدل على إتقان الصانع. وكل ذلك كان في غاية الأهمية عند المصريين القدماء.
٦- كيف ترين استخدام المصريين القدماء للنسبة الذهبية في الهندسة المعمارية؟
لم يغفل عنها أبدًا، بل عمل على أن تكون في معظم الأعمال الفنية أو المعمارية، لأنها تؤدي إلى التأثير الحيوي الإيجابي المطلوب إحداثه.
٧- تأثرتِ شخصيًا بالطاقة التي توجد في هذه المواقع أثناء زياراتك لها، فما الذي تنصحين به الزوار عند زيارة هذه الأماكن لكي يستفيدوا من تأثيراتها بشكل أفضل؟
-مبدئيًا، أنا من عشاق الحضارة المصرية القديمة، وكان أستاذي -رحمه الله- الدكتور عبد الحليم نور الدين يقول لنا: “إذا لم تحب التمثال، لا تشرحه.” وبالفعل، كان شرحه للآثار المصرية والتاريخ كله حبًّا ينقله إلينا في رؤيتنا لتفاصيل ما تركه الأجداد.
وفي رأيي، الحضارة المصرية القديمة حضارة مباركة من رب العالمين، وحضارة أنبياء كسيدنا إدريس، أول من خط بالقلم وعلّم المصريين الكثير. فهذه الحضارة آية من الآيات الموجودة على أرض مصر.
أنصح الزائر أن يذهب بنفس صافية وبدون أحكام سلبية، ويزور المكان وهو يسبح الله على إتقان عباده، وعلى حفظ الله للبناء بهذا الشكل. وأن يعلم أن العلم والإيمان لهما نفس الهدف، وهو الرقي والتوازن، وأن الدخول إلى دور العبادة (لأنهم كانوا موحدين بالله) له آداب واحترام. وإن لم يشعر بالتغيير، فقد حدث.
٨- ما أكبر التحديات التي واجهتكِ خلال بحثك وكتابة هذا الكتاب؟
– أكبر التحديات كانت بمثابة محرك قوي في الحقيقة؛ كان إثبات ما أشعر به من تأثير حيوي وكيف أشرحه للناس. وكنت أمتلك الجهاز منذ عدة أعوام، ولم أتذكره إلا حين شاء الله أن يهديني للفكرة لإثباتها بشكل لائق.
٩-هل تعتقدين أن معرفتنا اليوم بهذا التأثير الحيوي يمكن أن تُسهم في فهمنا للثقافة المصرية القديمة بشكل أعمق؟
-أتمنى هذا من كل قلبي، فالعالم يُقدّر حضارتنا بشكل كبير، ولكن للأسف نحن لا نمتلك القدر الكافي من المعرفة والتقدير والاحترام لهذه الحضارة العظيمة.
وبفضل الله، كان من أهدافي أن يكون كتابي حافزًا جيدًا لتنشيط السياحة، ويارب يكون كذلك، خاصة أنه تُرجم إلى خمس لغات، وأعتقد أن ذلك دليل على الاهتمام الكبير به.
١٠- ترجم الكتاب ل ٥ لغات مختلفة ووصل سعره على أمازون ل ٧٢ دولارا بعدما لقي رواجا وإقبالا شديدا، فما هو الهدف الذي تأملين تحقيقه من خلال هذا الكتاب؟
-هدفي الأول هو استرجاع الانتماء، وخصوصًا لدى الشباب، وتعريف النشء بأن بلدهم لها حضارة عظيمة. وبالتأكيد، تنشيط حركة السياحة، بما أن الكتاب يثير وجهة نظر جديدة – أعتقد أنها لم تُطرح من قبل – حول إفادة الصحة بمجرد تواجدنا في الأماكن السياحية الخاصة بمصر القديمة.
١١- قدمتِ نسخة من كتابكِ هدية لسفير اليابان في مصر، حدثينا عن هذا اللقاء، وما كان انطباعه الأول عن الكتاب؟
-نعم، كنت من المحظوظين بلقاء سعادة سفير اليابان في حفل أقامته رابطة متحدثي اللغة اليابانية لوداعه بعد أن أتم مدة عمله في مصر. وتمت دعوتي من قِبل رئيسة الرابطة، الأستاذة ليلى نصر، لتقديم الكتاب لسيادته كعضو في الجمعية وكتذكار طيب يأخذه معه إلى اليابان من مصر المحروسة. أعتقد أنه نال إعجاب سيادة السفير.
١٢- هل هناك خطط لكتابة المزيد حول هذه المواضيع أو التوسع في مواضيع أخرى مرتبطة بالطاقة والهندسة المقدسة؟
-إن شاء الله، أعمل على كتاب جديد في موضوع مختلف، لكنه جديد ومثير ويتعلق بدراستي للصحة النفسية ومصر القديمة. وأعتقد أنه سيكون لنا لقاء آخر قريبًا بعد إصداره ونجاحه، إن شاء الله.
يسعدنا ذلك بكل تأكيد .. وفي نهاية الحوار نشكر الدكتورة غادة يوسف ونتمنى لها المزيد من النجاح والتوفيق.