بقلم د/ حمدان محمد
إن الأب هو عماد البيت، فإن صحّ العماد صحّ أساس الأسرة بأكملها. فالأب أوسط أبواب الجنة، فإذا كانت الأم منبع الحنان، فإن الأب منبع الأخلاق. وإذا كانت الأم روح البيت، فالأب عماده، وإذا كانت الأم مدرسة التربية للأبناء، فالأب مدير هذه المدرسة. وإذا كانت النساء أمهات الرجال، فإن الرجال آباء النساء.
الأب هو ذلك الظهر الذي يستند عليه جميع الأبناء، وهو الشمعة التي تحترق لتنير لهم الطريق. فالوالد هو السند والحبيب. ومن المحزن لكل مسلم ما نسمعه بين الحين والآخر من سوء علاقة البعض بوالديهم، وربما لم يرَ أحدهم أباه أيامًا أو شهورًا، وربما، والعياذ بالله، سنوات.
أين هؤلاء من وعيد الله ورسوله وتأكيده على بر الوالدين؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: “آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ”، فقيل: يا رسول الله، إنك حين صعدت المنبر قلت: آمين، آمين، آمين، فقال: “إن جبريل أتاني، فقال: من أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرّهما فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين”.
إن للأب حق الإحسان والطاعة وتحقيق ما يتمناه، وله ود الصحبة والعشرة، والأدب في الحديث وحسن المعاملة. إن تحدث فلا تقاطعه، وإن دعاك فأجبه، ولا تمشِ بين يديه، وحيّه بأحسن تحية، وقبّل رأسه ويديه، ولو قبلت رجليه فهو من البر. وتلزمك النفقة عليه في حال الحاجة، ولا تنسَ أن تتحفه بالهدية في حال غناه.
ذكر رسولنا الصادق الأمين في حديثه الشريف عندما جاءه رجل فقال: “يا رسول الله، إن لي مالًا وولدًا، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي”، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أنت ومالك لأبيك”.
لذلك جعل الله جل وعلا بر الوالدين بعد عبادته سبحانه وتعالى، حيث قال: “واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا” (النساء: 36). فمن تمام العبودية لله جل وعلا بر الوالدين. فهنيئًا لمن برّ بأبيه وأمه، والويل كل الويل لمن عقّهما.
فالوالد لا يكرره الزمن، والأم لا تُقدر بثمن. للوالدين حق عظيم، وقد جعل الله سبحانه وتعالى حقهما مقرونًا بعبادته لعظيم فضلهما على الإنسان.
اللهم اجعل أبي سيدًا من أسياد الجنة، واجعل الحوض موردًا له، والرسول شفيعًا له، واجعل ظلّك ظلاً له، والسندس لباسًا له. اللهم آمين. اللهم بارك لي في أبي وأمي، فقد أحسنا تربيتي، فإن كان مني خير فهم من أحسنوا تربيتي، وإن كان مني شر فهو من نفسي. أسأل الله أن يبارك في أعمارهم، ويحفظهم، ويمنّ عليهم بالخير.