علي بدر سليمان
-الجزء الاول-
إنه لشيء جميل أن يصحو الإنسان على أصوات
زقزقة العصافير وإشراقة نور الشمس في الصباح الباكر .
ولكن هل هذا يكفي ليستمر الإنسان في الحياة
ويحس بالطمأنينة والأمان في زمن تكثر فيه الصراعات وتليها الأزمات ويبدو أن مانعيشه اليوم
من حروب وصراعات قد خلفت الكثير من
الأزمات وشردت الكثيرين وهجرتهم من ديارهم.
وقصتي اليوم تتحدث عن شاب يدعى عماد وهو
شاب جامعي يدرس في كلية الإعلام قسم
الصحافة و ذات يوم وبينما كان نائما راودته
أحلام مزعجة استيقظ فجأة وجسده يرتعش
من شدة الخوف والعرق يتصبب منه وقلبه
يدق بشدة هرع إلى النافذة وفتحها بسرعة.
أخذ يستنشق الهواء بسرعة في عملية شهيق
وزفير سريعة .
وبعد أن أخذ فنجان من القهوة هدأت أعصابه
وشعر بالتحسن فقرر عماد أن ينزل للحديقة
الموجودة خلف فناء المنزل الذي يقطن فيه
نزل عماد إلى الحديقة ومعه كوب من الشاي
وكان قد ابتاعه من كشك صغير في مدخل
الحديقة .
وقرر عماد أن يتمشى قليلا في الحديقة
ليروح عن نفسه وبينما كان يتمشى شاهد
أطفالا صغار يلعبون بكرة صغيرة طفل ومعه
أخته وكان قد قذف الطفل الصغير الكرة باتجاه
أخته الصغيرة ولكنها لم تستطيع أن تمسك بالكرة
واتجهت الكرة باتجاه عماد فحملها بكلتا يديه.
ركضت الفتاة الصغيرة باتجاه عماد وقالت له:
لو سمحت ياعم أعطني الكرة إنها لي
نظر عماد إلى الطفلة فوجد في عينيها سحر
غير طبيعي وابتسامة شفافة وجميلة
وبراءة ليس لها مثيل فأجابها عماد:
بكل سرور ياصغيرتي وأعطاها الكرة
فشكرته الطفلة الصغيرة وانصرفت.
-الجزء الثاني-
استمر عماد في المشي فشاهد امرأة وزوجها
كبيرين في السن يحدث بينهما مشادة كلامية
فتأخذ السيدة جزدانها وتنصرف ويبدو عليها
التعب واليأس.
فقرر عماد أن يذهب إلى الرجل العجوز ليهدئ
من روعه ويفهم القصة ولماذا حدث ذلك!
وعندما وصل عماد إلى محاذاة الرجل العجوز
تفاجأ بما رآه فقد شاهد شخص مختلف رجل
يبدو أنه قد عارك الحياة جيدا فتقاسيم وجهه
تظهر مدى معاناته مع الحياة البائسة المتعبة.
وبينما يجلس الرجل العجوز تحت ظل شجرة
يتفيأ بها ظهر عماد فجأة وقال له:
السلام عليكم ياعم
لم يسمع الرجل العجوز عماد جيدا فقد كان
سمعه ضعيف وكان يلبس سترة سميكة سوداء
تقيه برد الشتاء فقد كان الشتاء على الأبواب
أخرج الرجل العجوز من جيبه علبة سجائر
وأخرج سيجارة وضعها في فمه وأشعلها
بسرعة رفع رأسه بهدوء ونفخ نفخة غضب
شديد فرأى عماد أمامه فأعاد رمي السلام
عليه وقال :
السلام عليكم ياعم
الرجل العجوز:
وعليكم السلام
ماذا تريد وقالها في حدة وغضب!
أجابه عماد:
لقد شاهدتك وزوجتك وقد حدثت بينكما
مشادة كلامية فأتيت لأعرف ما السبب
وماذا حدث بالضبط .
فرد عليه الرجل العجوز بحدة:
وما شأنك أنت!
أجابه عماد:
لا شيء ياعم ولكنني اعتقدت أنني
أستطيع المساعدة.
الرجل العجوز:
وكيف تستطيع أن تساعدني في
أموري العائلية.
أجابه عماد :
لعلي أستطيع أن أعطيك رأيي
ولعلك تأخذ به أو لا تأخذ
ولكنني أكون قد أرحت ضميري
وأبديت رأيي في حل مشكلتك
وربما مساعدتك.
نظر الرجل العجوز في دهشة من
كلام عماد!
الرجل العجوز لعماد:
ماعملك يافتى؟
أجابه عماد:
أنا خريج كلية الإعلام -قسم الصحافة
عماد:
هل يمكنني الجلوس ياعم؟
الرجل العجوز:
تفضل يابني
وأخرج سيجارة أخرى من جيبه
وقال لعماد:
خذ يابني هذه السيجارة
عماد:
شكرا لك ياعم
ولكنني غير مدخن
الرجل العجوز:
أحسنت يابني
فالسجائر مضرة بالصحة
عماد للرجل العجوز:
وطالما أنك تعلم بأنها مضرة
لماذا تشربها ياعم؟
الرجل العجوز:
آه ياولدي
والله لكي أنسى ما أنا فيه
من ضيق وشدة وقلة حيلة
وهذا سبب خلافي مع زوجتي
عماد:
لماذا ياعم ماذا حدث بينكما؟
-الجزء الثالث-
الرجل العجوز:
لقد سألتني وسأجيبك يابني
اسمع يابني:
لقد رهنت كل سنين عمري لأولادي
وزوجتي وحاولت أن أقدم لهم
كل شيء.
لكنني الحقيقة فشلت ولم أستطع
أن أقدم لهم كل مايصبون إليه
واليوم كنت في مشادة كلامية
مع زوجتي بسبب الظروف الصعبة
التي تمر بنا وأنا مهجر من منزلي
بسبب الظلم والعدوان وماعدت أقدر
على أن أقدم لهم شيء لقد كبرت يابني
ومازالوا يطلبون مني ولكن لا حول
لي ولا قوة فالظروف كانت قاسية
ولم ترأف بي.
ماذا أفعل لكي أرضيهم في هذه
الظروف الصعبة.
لقد أتعبتني الحياة وأكلت عمري
وأصبحت العظام بالية.
لم أعد أقوى على حمل نفسي
يابني.
والجسد أصبح متعبا هرما
والعظام بالية.
ولدي ولد معاق يحتاج الكثير
من المصاريف والعلاجات والأدوية
ولا أستطيع له شيء.
أحس بالعجز يابني
أحس بالضعف أحس بالهزيمة
لم يستطع أن يبكي فقد كان
يحبس دموعه وألمه في أعماق
صدره وكان ينفخها مع كل سيجارة
يدخنها حتى لا يضيق صدره ويختنق
الرجل العجوز لعماد:
شكرا جزيلا لك يابني لأنك
حاولت مساعدتي فمثلك قليلون
ونادرون في هذه الأيام.
عماد:
لا شكر على واجب ياعم وانصرف عماد وفي قلبه
غصة وحزن عميق فهو لا يستطيع أن يقدم للرجل
العجوز شيء لكنه قرر أن يكتب قصة عن الرجل
العجوز وينشرها لعل أحدا يتعاطف معه ويساعده.