الاضطراب العاطفي الموسمي

بقلم: بسمة خالد
أخصائي علم النفس والإرشاد الأسري

يتغير الطقس وتتغير معه أحيانًا الحالة النفسية والمزاجية للبعض. فبينما يشعر بعض الناس بالحيوية والنشاط خلال فصل الصيف، قد يواجه آخرون موجة من الكآبة والخمول مع بداية فصل الشتاء. يُعرف هذا التغير في المزاج بـ”الاضطراب العاطفي الموسمي” أو SAD، وهو نوع من أنواع الاكتئاب المرتبط بالتغيرات الموسمية، وغالبًا ما يحدث في الأشهر الباردة، رغم إمكانية ظهوره في فصل الصيف. يُعتقد أن هذا الاضطراب مرتبط بنقص التعرض لأشعة الشمس وانخفاض مستويات بعض المواد الكيميائية الدماغية التي تؤثر في المزاج.

يظهر هذا الاضطراب عادةً في صورة أعراض مشابهة للاكتئاب، مثل الشعور المستمر بالكآبة والحزن العميق الذي قد يستمر لأسابيع، إلى جانب فقدان الاهتمام بالأنشطة الممتعة والتراجع في الأداء الوظيفي أو الدراسي. بالإضافة إلى ذلك، يعاني المصابون من شعور دائم بالإرهاق والخمول، وكأنهم يحتاجون إلى المزيد من النوم باستمرار. وتُعد زيادة الوزن من الأعراض الشائعة أيضًا، حيث يعاني المصابون من رغبة شديدة في تناول الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات. كذلك، قد يعاني البعض من صعوبة في التركيز والانتباه، مما يؤثر على جودة حياتهم اليومية.

من المطمئن أن هناك مجموعة من العلاجات التي يمكن أن تساعد في تخفيف حدة هذا الاضطراب. من أبرزها الاستفادة من ضوء النهار الطبيعي عن طريق قضاء وقت أطول في الخارج خلال ساعات النهار، مما يسهم في تحسين الحالة النفسية والمزاجية. كما تُعد ممارسة التمارين الرياضية بانتظام خطوة فعّالة لزيادة مستويات هرمونات الإندورفين والسيروتونين، التي تعمل بدورها على تحسين المزاج وتقليل التوتر بشكل طبيعي.

يشمل العلاج أيضًا نهج العلاج السلوكي المعرفي، الذي يُعد من الوسائل الفعّالة للتعامل مع الاضطراب العاطفي الموسمي. يركز هذا العلاج على تغيير أنماط التفكير السلبية وتطوير استراتيجيات جديدة للتعامل مع الأعراض، مما يساعد المصابين على السيطرة بشكل أفضل على مشاعرهم وتحسين مزاجهم. ويمكن أن يكون اتباع نظام غذائي صحي جزءًا مهمًا من العلاج؛ فالتغذية السليمة توفر الفيتامينات والمعادن الضرورية لدعم صحة الجسم النفسية والجسدية. كما يُعد التواصل الاجتماعي والحصول على دعم الأصدقاء والعائلة وسيلة فعّالة لتخفيف الشعور بالعزلة والاكتئاب.

من المهم أن نتذكر أن الاضطراب العاطفي الموسمي هو حالة شائعة ويمكن التعامل معها بفعالية. فإذا كنت تشعر بأن الأعراض تزداد حدةً مع تغير الفصول، لا تتردد في طلب المساعدة والاستشارة من أخصائي نفسي. هناك طرق متعددة لمساعدتك على استعادة الشعور بالراحة والتوازن النفسي بغض النظر عن تغيرات الطقس.

الاضطراب العاطفي الموسمي
Comments (0)
Add Comment