شرفة في القاع

نصر سامي/ شاعر وروائي من تونس

تصدير:

لا أحسّ في قلبي ولا في مقلتيّ هوى قديم

بدر شاكر السيّاب

(لا بويب ها هنا يجري

ولا عينا جميلة.

وشبّاكي على جبلين من كبريت،

وذاكرتي،

لم تغادر بعد منبعها الضّئيل.

وأكتب،

لا لأفرح بالصّباح،

ولا بغابته الضّليلة.

وأكتب،

لا لأفتح للرّياح بأحرفي وطنا بديلا)

… أحدّثها،

أسقّي اللّيل في أهدابها

مطرا، وأرميها سماوات

على هذي الجحيمات الطّويلة.

أمّا بويب،

فشرفة في القاع يعرفها دمي

في القاع، إي في القاع،

حيث أسكن يا جميلة.

حيث تولد فكرتي بيضاء

لكنّ السّكاكين الصّقيلة

تمرّ من خلل السّواد

وتستبيح الضّوء

أبصر فجأة عدما يطلّ، أرى رحيلا

يسلّمني إلى رحيل.

وموتا إلى موت.

عدا عينيك، إنّهما يسافران

ويفتحان بأحرفي وطنا بديلا.

* * *

للوقت رائحة ثقيلة

وللمكان يد السيّاف.

وأكتب

لا لأفتح شرفة للنّهر في جسدي

ولا لأفرح بالضّفاف.

أرى رؤيا، أنا فيها، وأنزف إذ أناديها.

وها تعطي أغانيها

ثمار الدم.

وها تعطي أمانيها

عطايا الهم.

وها روحي مسقفة بآلام ثقيلة

تكركرها يد السيّاف.

وها جسدي

يمدّد في الضّفاف.

* * *

من شرفتي في القاع،

ألمحها

أربّي فوق سرّتها السّحاب

وأفرح بالزّهيرات التّي تنمو على أطرافها

.. من شرفتي في القاع،

أشطب كلّ سوء مسّ صورتها

وأمحو كلّ ليل شاب عنصرها

أصفّيها

أرى فيها بويب، أراه فيها.

ويملؤني الصّفاء لأوّل مرّة في العمر

وأنساها

وأنسى كلّ شيء.

شرفة في القاع
Comments (0)
Add Comment