رانيا فتحي
بالنسبة لأتباعه، كان رجل دين مسالمًا يدعو إلى الحوار بين الأديان، لكن بالنسبة للعديد من الناس في تركيا، كان فتح الله غولن رجلاً قضى سنوات في بناء حركة غامضة وانتقامية للسيطرة على الدولة التركية، وفي النهاية، القوة وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي أودت بحياة أكثر من 240 شخصًا في يوليو 2016.
أدانه رئيس تركيا وقارنه بتنظيم الدولة الإسلامية، وكان غولن يؤكد دائمًا أنه لم يرتكب أي خطأ، وقال في بيان عام 2016: لقد أدنت مرارًا وتكرارًا محاولة الانقلاب في تركيا وأنكرت أي علم أو تورط.
ولد غولن عام 1941 في ظروف متواضعة، وصعد في صفوف البيروقراطية الدينية في تركيا ليصبح إمامًا مؤثرًا.
على مدى عقود من الزمان، بنى قاعدة متحمسة ومخلصة من الأتباع.
كان عمل جولن ممثلاً في جميع جوانب الحياة التركية، بما في ذلك جمعيات الأعمال والمنافذ الإعلامية والمؤسسات المالية.
لكن المحور الرئيسي لحركته كان شبكة واسعة من المدارس التي امتدت عبر أكثر من 100 دولة. كانت المدارس في تركيا بمثابة أداة التجنيد والتوظيف الرئيسية للحركة.
كان العديد من أعضائها من المسلمين المتدينين من الطبقة المتوسطة الدنيا الذين حرمتهم دوائر السلطة العلمانية المتشددة في تركيا من حقوقهم. تولى العديد منهم وظائف في القطاع العام.
في عام 1999 انتقل غولن إلى الولايات المتحدة واستقر في ولاية بنسلفانيا. يقول أنصاره إنه غادر تركيا لتلقي العلاج الطبي، لكن منتقديه يقولون إنه ذهب إلى المنفى الاختياري لأنه أصبح تحت التدقيق، واتهم بمحاولة تقويض الحكومة العلمانية واستبدالها بأخرى دينية. كانت هذه مزاعم نفاها.
في عام 2002، عندما انتُخبت حكومة محافظة دينيًا، وجد غولن حليفًا في رئيس الوزراء التركي الجديد، رجب طيب أردوغان. كان هذا تطابقًا تم من خلال المصلحة السياسية.
ولما يقرب من عقد من الزمان، عمل التحالف معًا باستخدام وجود حركة غولن في الشرطة والقضاء لقمع المعارضة. تم اعتقال وفصل مئات من الضباط العسكريين العلمانيين في قضايا محكمة غامضة.
وفي عام 2013، أطلق المدعون العامون تحقيقًا في الفساد يستهدف الدائرة الداخلية لأردوغان. كان ذلك بمثابة قطيعة في التحالف – وربما أول علامة عامة على صراع على السلطة بين الرجلين.
حظر أردوغان لاحقًا حركة غولن وصنفها جماعة إرهابية. لكن أحداث 15 يوليو 2016 هي التي غيرت وجه البلاد لسنوات قادمة.
قصفت طائرات إف-16 البرلمان في العاصمة وتمركزت الدبابات المدرعة في مواقع على الجسر الرئيسي الذي يربط آسيا بأوروبا وإسطنبول. سارع أردوغان إلى إلقاء اللوم على غولن في الانقلاب الفاشل، وبدأت حكومته حملة قمع كبرى. تم فصل آلاف الأشخاص المشتبه في ارتباطهم بغولن من وظائفهم واعتقالهم.
عاش غولن في تلك الأثناء حياة هادئة في بنسلفانيا، رغم الطلبات المتعددة المقدمة للولايات المتحدة بتسليمه إلى تركيا، تاركًا وراءه أتباعًا متدينين وإرثًا مثيرًا للجدل جعله أحد أكثر الرجال نفوذًا في تاريخ تركيا الحديث.