محمود سعيد برغش
عندما شاهدنا مسلسل الحرافيش وهي ملحمة رواية للكاتب المصري نجيب محفوظ نشرت في عام 1977. الرواية تحكي عشرة قصص لأجيال عائلة سكنت حارة مصرية غير محددة الزمان ولا المكان بدقة (يعتقد إنها بالحسين في بداية فترة الأسرة العلوية بمصر). وكانت الحرافيش ولا تزال مادة رائعة للسينما والتلفزيون المصري حيث تمثلت في أكثر من فيلم سينمائي منها الحرافيش والمطارد وشهد الملكة والجوع والتوت والنبوت الجانب مسلسل الحرافيش في أجزائه الثلاثة وتتحدث الرواية عن فلسفة الحكم وتعاقب الحكام ودور الشعوب. وأيضاً ثورة الحرافيش والعصيان علي سياسة حاكمهم ورجاله من شدة الظلم وزيادة الفقر مع رفع الضرائب واستغلال الأعيان وكبار التجار برفع الأسعار وحدث أيضاً في مسلسل علي الزيبق كما نجد رواية الحرافيش لاتبعد كثيراً عن منحنى الوجودية الذي انتحاه نجيب محفوظ في الكثير من رواياته رغم اكتسائها بالطابع الإجتماعي (إحدى الشخصيات تنشد الخلود بعد قهر الموت المفاجئ لها…. وسلوكيات أخرى في نفس الاتجاه). تتشعب أحداث وتفاصيل وشخصيات رواية الحرافيش في ذهن القارئ كما في قلم الكاتب لتزرع أفكاراً عديدة وتصب في فكرة تواتر الأجيال وضياع الأصول من جيل إلى اخر واندساس العروق. يحضر الدين أيضاً في رواية الحرافيش كالروح التي لا يستطيع الإنسان إخراجها من بدنه رغم التمرد عليها.. هي رواية تحتوي كل الحياة تكتسي كل الطوابع وتسرد كل القيم بسخاء. و تمتلئ الرواية بأبيات من الشعر الفارسي التي استخدمها الكاتب كرمز للمجهول الذي تهيم به أرواح البشر…وتتوالى قصص الرواية كمعزوفة رائعة تختلط بها القوة والضعف…الخير والشر…الأمل واليأس…
علي الوجه الاخر جاء في العدل في صوره عاشور الناجي وخلفه من بعده ابنه شمس الناجي ولم يستمر العدل حتي جاء الظلام ومعاناته الحرافيش مره اخري حتي يستيقظوا ويقوموا بمطالبة حقوقهم بالقوة ولا يفكرون في النتائج لكن الفقر والظلم هو الذي يحركهم