يمثل اغتيال حسن نصر الله نقطة تحول مهمة ليس فقط لحزب الله بل للأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها. ومن المهم الآن مراقبة كيفية تأثير هذا الحدث على مسارات الصراع في الشرق الأوسط، وكيف سيساهم في إعادة رسم المشهد السياسي في الدول العربية والإسلامية. ومع كل الأبعاد السياسية والعسكرية، يبقى التحدي الأكبر هو التعافي المعنوي الذي يحتاجه المجتمع المقاوم لاستعادة ثقة مؤيديه وتعزيز موقفه في مواجهة التحديات المقبلة.
ألا تتفق معي أن اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، نقطة تحول حاسمة في مسار الصراع العربي الإسرائيلي، ورغم المشاعر الجياشة التي اجتاحت الإسرائيليين بعد هذا الحدث، يبقى السؤال الأهم: هل يستطيع حزب الله التعافي ومواصلة نشاطه السياسي والعسكري؟
تاريخيًا، شهدنا اغتيالات لمتحدثين بارزين في الحزب مثل عباس الموسوي في عام 1992 وعماد مغنيّة في عام 2008، ومع ذلك لم يحمل خلفاؤهم توجهات أكثر اعتدالًا.
يتجاوز تأثير اغتيال نصر الله الجوانب العسكرية والسياسية ليصل إلى الأبعاد المعنوية، حيث يمتد أثر هذا الحدث إلى العالم العربي والإسلامي، ويشكل ضربة قوية لخط المقاومة الذي استمر لعقود على الرغم من أن نصر الله كان يقود تنظيمًا شيعيًا لبنانيًا خاضعًا للتأثير الإيراني، إلا أنه كان يُعتبر رمزًا للمقاومة ضد إسرائيل، وُمنح لقب “سيد المقاومة” بعد حرب لبنان الثانية عام 2006.
يتذكر الكثيرون اليوم الذي توفي فيه الزعيم المصري جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970، الذي اعتُبر أب الأمة العربية. رغم الانتقادات التي واجهها، لم يُشكك أحد في قيادته. واليوم، بعد مرور 54 عامًا، يبدو أن مصير نصر الله يوازي مصير عبد الناصر، حيث يدرك الجميع أن الأثر الأعظم لاغتياله هو الضرر المعنوي، الذي يتجاوز بكثير الأضرار العسكرية والسياسية.
بعد اغتيال نصر الله، ستتزايد التحديات أمام حزب الله، حيث يتوقع أن يتجدد النقاش حول مستقبل المقاومة في ظل هذا التطور المفاجئ. فمن ناحية، قد يؤدي غياب شخصية بارزة مثل نصر الله إلى حدوث انقسامات داخل الحزب، بينما يسعى القادة الجدد لإثبات أنفسهم. ومن ناحية أخرى، فإن المأزق الذي سيتعرض له حزب الله قد يشجع الخصوم الإقليميين والدوليين على استغلال الوضع لتعزيز مصالحهم.
لقد أصبح مصير المقاومة اليوم على المحك، ويطرح العديد من التساؤلات حول كيفية تنظيم الجهود واستراتيجيات المواجهة في المرحلة القادمة. إن غياب نصر الله لن يؤثر فقط على حزب الله، بل سيمتد تأثيره إلى سائر القوى والفصائل في المنطقة، التي ستتأثر بمثل هذا الحدث الجلل.