علي شعــــــــلان
تحتفل دولة الإستيطان في هذه الأيام من كل عام بعيد ” حرب يوم الغفران ” أو بمعني أدق علي حسب التقويم الفرعوني هي الذكري الواحد والخمسون لحرب 6 أكتوبر المجيد .
تهتم الحكومة الإستيطانية ومنظمات المجتمع المدني هناك بإحياء مراسم سنوية ما بين تكريم جنودها الذين فُقدوا خلال الحرب بوضع أكاليل الزهور وإشعال الشموع في المقابر ، وما بين عقد ورش عمل ومحاضرات في المدارس والجامعات لتثقيف الأجيال الجديدة حول أحداث الحرب وأهميتها التاريخية بالإضافة إلي دور الإعلام في بث وثائق وأفلام تتناول أحداث الحرب وتحليلها علي المجتمع الإستيطاني .. وهذا لا ينفي التركيز الأساسي علي الجانب الروحي والديني ليوم الغفران ..حيث يفضل الكثيرون قضاء الوقت في الصلاة والتأمل .
علي الجانب الآخر ، تكتفي الحكومة المصرية بإعطاء أجازة رسمية في عموم البلاد مع تهافت القنوات المرئية والصحافة المصرية علي الزيادة والإعادة في تكرار الأفلام القديمة الرتيبة بدقتها القديمة في مخاطبة الأجيال الجديدة بنصر أكتوبر المجيد .
وهو إعلان حكومي غير كاف وتغطية إعلامية هزيلة في رحاب الأطفال والأجيال الشبابية الجديدة التي لم يتوارد لها خاطر ولم يهتز لها جفن عن فلسفية حرب اكتوبر وكينونتها .
وهو إحتفال بائس تعزز فيه الفجوة الفكرية بين فئتين لا ثالث لهما للشعب المصري فالأولي فئة العواجيز وهي فئة الضباط والمدنيين المتقاعدين ، المحاربون القدامى ، أبناء مصر في سن الإنعاش والمعاش .
والثانية هم فئة الشباب الذي شاب ،الأطفال ، البالغين والشباب المتنعم .. الأول عاش الذكريات بكامل جوارحه وشهد علي الأحداث (العدوان الثلاثي مرورا بالنكسة حتي حرب الإستنزاف وتالتهم نصر أكتوبر وإمتدت إلي مفاوضات السلام وإسترداد طابا ) بعقله وقلبه ووجدانه فترسخت في أذهانهم حتي مماتهم ..بينما الفئة الثانية هي فئة شديدة السطحية عن هذا الحدث الجليل ،تستمد المعلومات من القيل والقال فقط .
يجب إحاطة هؤلاء الأجيال بشبكة واسعة من الثقافة والوعي الشامل لتسريد ماهية أكتوبر كقاموس شامل يتحدث فيه ويحاكي تكتيكات الحرب ،العلوم العسكرية ومن هم العدو وأيديولوجيات تفكيرهم والفرق بينهم وبين باق المستوطينين ، تسريد كواليس الإعجاز والإنجاز المصري وكيفما جاءت الفكرة البسيطة في تنفيذها والعبقرية في تخطيطها ويُقال لهم : (( الإستعانة بخراطيم المياه أمام خط بارليف وتدميره وهو خط لو تعلمون أيها الصغار خط عظيم واسمه بارليف وليس بلوبيف .. خط البلوبيف هذا تستعينوا به في قضمة ساندوتش مع البيض المقلي ! )) .
ونحذر الدولة المصرية بكافة أجهزتها المعنية في حالة عدم الإستنفار الثقافي والتوعوي والدعم بشقيه المادي والنفسي تجاه شباب وأطفال مصر سيتم تحويل النصر المجيد إلي نكبة حينما تتبدل الإحتفالات إلي مسخ وسلخ إجتماعي نتيجة طبيعية لتحولهم في المستقبل القريب أو البعيد إلي مسؤولين كبار تسلموا مقاليد الحكم ويديروا ثرواتها وخيراتها وينظموا إحتفاليتها علي مر العقود القادمة ..
وهو إسقاط بسيط عن ظهور حالة اللامبالاة وضعف الإنتماء الوطني ومحاولات مستميتة للهروب من البلد لتلك الفئة وهي فئة يداهمها الخطر من كل حدبٍ وجانب ..
دعونا ننظر في باب العلم عن إقتراح يخفف من وطأة مستنقع الجهل والسطحية الشديدة التي لازمتهم في عزلتهم عن هذا الحدث .. وهو الإستعانة بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والإستراتيجية ( أكاديمية ناصر سابقاً ) بتنظيم دورات إلكترونية وحضورية بسيطة عن ” 6 أكتوبر ومفهوم الخداع الإستراتيجي وماهية العدو ” لشباب وبنات المدارس والجامعات ومراكز الشباب والشابات علي مستوي أنحاء الجمهورية .. ولضمان مدي الفهم والإستيعاب وشعبية الحدث والإقبال من جانبهم تصبح هذه المحاضرات مقترنة بأسئلة شاملة ومتنوعة للمتقدمين مرتبطة بجوائز مالية كبيرة جداً ومتنوعة .
بالإضافة إلي تفعيل محاضرات متقدمة بعنوان أكثر شمولية عن ” فلسفة أكتوبر ومكوناتها وحروب الجيل الخامس والسادس وإستراتيجيات الأمن القومي ” وهي أقرب إلي منهج تدريسي .. من يلتحق به ويحصل علي شهادة بإجتيازه بعد تعرضه للإمتحانات ونجاحه فيها ..
ولضمان الإقبال ونجاح هذه التجربة تحديداً من إلتحاق الذكور لها يتم إعطاء إمتيازية الحاصلين علي هذه الشهادة بتقليص مدة الخدمة العسكرية عدة أشهر من مجمل خدمته الكاملة سواء مجند أو ضابط إحتياط .
وفي ذلك دعوة عامة للعلم ثم العلم ثم العلم .. وكيف يصبح العلم هو منبع الخلاص من كافة مشاكل مصر حتي لو كانت المشكلة هي إغتصاب أحد الأراضي التابعة لهذا البلد .. بلد المنيل والنيل !!.