حوار: محمد زغله
نريد أولا أن نتعرف عن بطلنا الكبير الأستاذ محمد طه يعقوب صاحب إشارة النصر..
أنا خريج كلية المعلمين بجامعة عين شمس، وانضممت إلى القوات المسلحة قبل تخرجي مباشرة. كنت جزءًا من الجيش الثالث الميداني، الفرقة 19، اللواء الثاني، الكتيبة 22 مشاة ميكانيكي. كانت تجربة دخولي إلى القوات المسلحة مميزة وغير متوقعة. إذا قارنت جيلنا بجيل الشباب اليوم، ستجد فرقًا كبيرًا. جيلنا، الذي شارك في حرب أكتوبر، نشأ في ظل روح وطنية قوية، إذ عاصرنا أحداث العدوان الثلاثي على مصر في صغرنا، وهو ما خلق فينا شعورًا بالمسؤولية والواجب تجاه الوطن.
كيف كانت التدريبات قبل المعركة؟
التدريبات كانت قاسية للغاية، تعلمت من خلالها الصلابة والقوة. تم تدريبنا بشكل مكثف على عبور قناة السويس في مناطق مشابهة لها، وتكررت التدريبات مرارًا وتكرارًا مع إصرار كبير على استعادة الأرض. في أحد الأيام، تم رفع مستوى استعداد كتيبتنا، وانتقلنا إلى جبل عتاقة لتنفيذ تدريبات حية بالذخيرة. كانت التدريبات تزداد قسوة كل يوم، وشاركنا في مشاريع تدريبية شهدت خسائر في المعدات والأرواح. مع ذلك، كل ذلك كان يجعلنا أكثر عزيمة واستعدادًا للمعركة.
أخبرنا عن أحد الأيام في هذه المعركة.
في أحد الأيام، تم تكليفنا بالحراسة على شاطئ القناة. كان الأمر غريبًا في البداية، كنا نرى الجنود الإسرائيليين عن بعد. وفي إحدى المرات، سمع أحد الجنود الإسرائيليين اسم زميلي أثناء تغيير نوبة الحراسة، وبدأ في توجيه الشتائم لنا. كان هذا الاستفزاز دافعًا لي للانتقام. كنت قد عايشت حرب 1956، وشاهدت آثار الاحتلال على أهلي في بورسعيد، لذا كان لدي رغبة عارمة في الدفاع عن وطني والانتقام من المحتل.
حدثنا عن يوم 6 أكتوبر.
قبل الحرب بأسبوعين، ذهبنا إلى القناة للاستجمام، ولكن يوم السادس من أكتوبر كان مختلفًا تمامًا. حوالي الساعة 12 ظهرًا، علمنا بأن الحرب بدأت عندما رأينا الطائرات المقاتلة تعبر فوق رؤوسنا. كانت المشاهد مؤثرة للغاية، الطائرات كانت تحلق بارتفاع منخفض وتقوم بحركات استعراضية، مما زاد من عزيمتنا. بدأت المدفعية في إطلاق النيران ونحن نعبر القناة، وكانت الدانات تتطاير فوق رؤوسنا نحو سيناء. كان المشهد لا يوصف، النار والدخان يغطيان كل مكان في سيناء.
ماذا كان شعور والدتك في ذلك الوقت؟
في الحقيقة، لم أفكر في والدتي أو أي شخص آخر في تلك اللحظة. كان كل تفكيري منصبًا على عبور القناة وتحقيق النصر. الصحافة كانت تحاول ترويج فكرة أن عبور خط بارليف مستحيل، لكنني لم أستمع لتلك الأقوال. كنا نقترب من خط بارليف، وكنت أشعر بعزيمة لا توصف. لم نشعر بالعطش أو الجوع أثناء القتال، لكن بعد أيام من الحصار حولنا منطقة عيون موسى، عانينا من نقص في الماء والطعام.
ما أبرز المواقف خلال الحصار؟
خلال أيام الحصار، مررنا بمواقف مؤلمة وأخرى طريفة. في أحد الأيام، قررنا تشكيل مجموعة انتحارية لجلب الماء من عيون موسى. كان الموقف خطيرًا للغاية، وكنا نتحرك في الظلام دون أي ضوء لتجنب اكتشافنا من قبل العدو. رغم المخاطر، تمكنا من جلب 6 جراكن ماء.