وهذا ما رأته عيناي

بقلم: سها نافع

التقيت بصديقاتي في موعدنا المتفق عليه، وجلسنا نتجاذب أطراف الأحاديث المتنوعة كعادتنا. وفجأة، انتقلنا للحديث عن الجمال بكل مقاييسه ودرجاته.

في البداية، اعتقدت أننا لن نختلف كثيرًا، بل على الإطلاق، في التعبير عن مقاييس الجمال. ولا أدري حقًا لماذا هذا الاعتقاد؟ ربما لأننا نتشارك صفات وأفكارًا مشتركة أوجدت هذا التناغم فيما بيننا، فلا مجال للخلافات أو الاختلافات.

بدأت المناقشات والمداخلات، وظهرت اختلافات في وجهات النظر، كما بدأت تعلو الأصوات حول الفرق بين مقاييس الجمال والجاذبية وخفة الظل. ولم نلتقِ عند نقطة واحدة! ما أراه صاحب جاذبية وحضور، رآه قلة بنفس السمات، ورآه البعض خفيف الظل فقط، ورآه الباقي لا هذا ولا ذاك!

أشرت إليهن أن نحتكم إلى ضرب أمثلة على شخصيات سينمائية لا غبار عليها في الموهبة الفنية، وعُرفوا على مر السنين بتاريخهم الفني بالحضور والجمال والجاذبية، مثل الفنان رشدي أباظة، عمر الشريف، أحمد رمزي، وأحمد عز من جيلنا.

واعتقدت أنني بذلك أنهيت الخلاف، وسنجتمع حتمًا على هؤلاء دون أدنى شك. ولكني صدمت حقًا بالإجابات!

بدأوا يتناقشون ويعبرون عن آرائهم المختلفة، وبدأوا أيضًا يستشعرون أنني لا أشاركهم، وأنني في حالة صمت. نظروا إلى وجهي فرأوني مندهشة.

قالوا: “يا صديقتنا الغالية، كيف سنجتمع على شخص ويجتمع آخرون على نفس الشخص، وغيرهم كذلك؟ فيجتمع الكل على شخص ويتركون باقي الأشخاص لا ذنب لهم سوى أنهم بعيدون كل البعد عن مقاييس الجمال، والتي هي في الأصل تآلف وأحاسيس ومشاعر وصور وأفكار تختلف من شخص لآخر.”

نظروا إلى علامات وجهي، واستشعروا مني لحظات تأمل واستيعاب لما طرحوه علي. وعندما أيقنت المعنى، ابتسمت، فابتسموا، ثم عادوا يقولون:
“يا صديقتنا الغالية، لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع.”

علت الأصوات مرة أخرى، ولكن هذه المرة بالضحكات. وضحكت أنا أيضًا من قلبي معهم،
وقلت لنفسي في همسات: “حلو، جذاب، هذا حقًا ما أحسسته أنا، وهذا ما رأته عيناي.”

صديقاتي/مناقشات
Comments (0)
Add Comment