تعظيم وتكريم

كتبت/ رانده حسن – اختصاصي نفسي

عندما نقرأ سورة الفرقان (مكية)، نجد بعض الآيات الكريمة التي، لو اتبعناها، لما ظهرت بعض الآثار والسلوكيات السيئة والمسيئة التي نراها ونسمعها وتعيش داخل مجتمعنا.

ما تلك الآيات؟
هي صفات عباد الرحمن، الذين نالوا التكريم والتشريف بنسبهم إلى الرحمن سبحانه وتعالى، فقد اختصهم الله وسماهم “عباد الرحمن”… لماذا؟

نجد الآن غالبية الأفراد (إلا من رحم ربي) يسيرون في الشوارع والطرقات، وعليهم هالة من التكبر والغرور، سواء بالملابس، السيارات، الهواتف المحمولة، الأحذية، والإكسسوارات… إلخ. وكل ما يُطلق عليه حاليًا “ماركة” أو “براند” تبعًا لشركة عالمية خاصة أجنبية. عكس عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض بتواضع وهدوء وسكينة وطمأنينة.

إذا كان هناك موقف أو أزمة أو مشكلة ما نجد أطرافها يتبادلون الحديث بأبشع الكلمات والصفات، وقد يصل الأمر أحيانًا إلى التطاول بالأيدي والتراشق بالألفاظ النابية، التي قد تؤدي في النهاية إلى قاعات المحاكم. وإذا راجع أطراف المشكلة السبب الذي فاقم الموضوع، فقد يرجع الأمر إلى كلمة أو عبارة أشعلت فتنة وملأت القلوب بالغل والحقد.
عكس عباد الرحمن الذين، إذا خاطبهم السفهاء الجهلاء، يردون عليهم بقول طيب يدفع عنهم الأذى والسوء، ويبعدهم عن طريق افتعال مشكلة كبيرة.

في أيامنا الحالية، نجد أن الحياة أصبحت معكوسة. أصبح الليل للسهر والضوضاء والتنزه والسفر، والنهار للنوم. وحتى في العمل نجد الكسل والخمول مسيطرين، بسبب عدم راحة العقل والجسد والروح نتيجة الإفراط في استخدام الإنترنت وسوء استعماله.
عكس عباد الرحمن الذين كانوا يتخذون الليل بهدوئه وسكينته لقيام الليل، والصلاة، والدعاء، والتقرب إلى الله تعالى دون رياء أو نفاق. كانوا وحدهم مع ربهم يناجون الله ويتضرعون إليه (إلا من رحم ربي).

كثرة الأخطاء والذنوب التي امتلأ بها عاتق الجميع (إلا من رحم ربي) أدت إلى شعور باللامبالاة بما يصنعون، وعدم الخوف من الله.
عكس عباد الرحمن الذين يلجأون إلى الله سبحانه وتعالى في كل حال حياتهم، يراعون الله ويعلمون أنه معهم أينما كانوا، مطلع على أفعالهم وأقوالهم.

الإنفاق والتبذير والإسراف من البعض أدى إلى وجود حسد من الفئة الأخرى (الأقل مادياً)، وعدم شكر الله على نعمه. يتعامل البعض مع النعم وكأنها دائمة، متناسين أنها قد تزول في أي لحظة بعقاب الله عليهم.
عكس عباد الرحمن الذين يعتدلون في الإنفاق، فلا هم مبذرون ولا هم بخلاء، بل يتبعون الاعتدال (الوسط).

ومن أهم ما يميز عباد الرحمن توحيدهم لله رب العالمين وحده لا شريك له. في زمننا الحالي، نجد أنواعًا من العبادات التي نسمع عنها (الإلحاد، عبادة البقر، الهندوسية، عبادة النار… إلخ)، وهي عبادات تُدمي القلب حزنًا على غياب العقل عن إدراك وجود الخالق سبحانه وتعالى.

لقد ميز الله تعالى الإنسان بالعقل السليم، والمنطق، والحكمة للتفكير والتأمل ومعرفة الخير والشر، وما يجلب له الخير وما يجنبه الشر والشيطان. لكن الإنسان أوقع نفسه فريسة سهلة للشهوات والغرائز، ولم يكتفِ بنفسه بل أوقع غيره معه أيضًا.

إن الحياة مليئة بعباد الرحمن والسفهاء الجهلاء، فعلينا أن نقرر أي الفريقين أحق بالاتباع، فالجميع يعلم مصير الفريقين. وأتمنى من الله سبحانه وتعالى أن أكون والجميع من عباد الرحمن، وأن يشملنا بعطفه ورحمته وعفوه ورضاه وغفرانه.

 

Comments (0)
Add Comment