د. إيمان بشير ابوكبدة
يعرف المصابون بالصداع النصفي أنهم أكثر من مجرد صداع. وهي حالة عصبية مزمنة، ذات أصل وراثي، تظهر على شكل ألم خفقان في أحد جانبي الرأس أو كليهما.
قد يستمر هذا الانزعاج من بضع ساعات إلى أيام كاملة، وغالبا ما يكون مصحوبا بأعراض منهكة أخرى، مثل الغثيان والقيء والحساسية الشديدة للضوء والصوت وحتى الروائح.
الأسباب المحتملة للصداع النصفي
على الرغم من أن الخبراء ما زالوا لا يفهمون بشكل كامل السبب الدقيق للصداع النصفي، إلا أنهم يشيرون إلى أن الاستعداد الوراثي يلعب دورا مهما.
هناك العديد من العوامل المحفزة التي يمكن أن تساهم في ظهور الأزمات. ومن بينها، يبرز الإجهاد، والحرمان من النوم، والتغيرات الهرمونية، واستهلاك بعض الأطعمة، مثل الجبن والشوكولاتة.
ويمكن أيضا أن تكون المحفزات البيئية، مثل الروائح القوية أو التغيرات المناخية، مسؤولة عن بداية الأزمة.
بالنسبة للنساء، تعد متلازمة ما قبل الحيض عامل خطر كبير، مما يؤدي إلى تفاقم نوبات الصداع. يعد الصداع النصفي أكثر شيوعًا أثناء فترة الحيض أو قبلها مباشرة.
إن حالات مثل عدم انتظام الدورة الشهرية، وانتباذ بطانة الرحم، ومتلازمة المبيض المتعدد الكيسات، وحتى العلاج بالهرمونات البديلة يمكن أن تزيد من حدة الأعراض.
تعتبر التغيرات في نشاط الناقلات العصبية، مثل السيروتونين، ذات صلة أيضا بتطور الصداع النصفي.
أعراض الصداع النصفي النموذجية
تختلف أعراض الصداع النصفي حسب النوع. التغيرات في الإدراك البصري، مثل البقع الساطعة أو ومضات الضوء أو الخطوط الوامضة، تسبق الصداع النصفي بالهالة.
تعتبر هذه المظاهر نذيرا للألم القادم وتؤثر على حوالي 25% من المصابين بالصداع النصفي.
يتميز الصداع النصفي بدون هالة، والذي يصيب حوالي 75٪ من المرضى، بصداع شديد، غالبا ما يكون أحادي الجانب، ويستمر لساعات أو أيام.
بالإضافة إلى الألم، قد يعاني الشخص من الغثيان والقيء والحساسية للمنبهات الخارجية وتفاقم الألم مع الأنشطة البدنية.
في حالة الصداع النصفي المصحوب بهالة، قد تحدث أعراض عصبية مثل الاضطرابات البصرية، أو التنمل (الوخز)، وفقدان جزئي لمجال الرؤية، وصعوبات في النطق قبل ظهور الألم.
عادة ما تظهر هذه الأعراض تدريجيا، وتستمر لمدة 30 دقيقة تقريبا، وتختفي قبل ظهور الألم.
العلاج والنهج متعدد التخصصات
عندما يتكرر الصداع ويظهر عليه خصائص الصداع النصفي، فمن الضروري طلب المساعدة الطبية.
طبيب الأعصاب هو أفضل متخصص لتقييم وتشخيص وعلاج الحالات المتعلقة بالجهاز العصبي المركزي. قد يتطلب التشخيص الدقيق اختبارات إضافية لاستبعاد الأسباب الأخرى للصداع.
عادة ما يتضمن علاج الصداع النصفي نهجا متعدد التخصصات. لتخفيف الألم أثناء الأزمات ومنع حدوثها، يمكن للناس استخدام الأدوية.
بالإضافة إلى ذلك، تعد تغييرات نمط الحياة، مثل تحديد المحفزات الشخصية وتجنبها، ضرورية لإدارة الحالة.
إن الجمع بين العلاجات، إلى جانب المراقبة الطبية، يحسن بشكل كبير نوعية حياة المرضى الذين يعانون من هذه الحالة المنهكة.