الوضع العالمي فوق صفيح ساخن والكل في حالة ترقب وحذر

بقلم/ وليد درويش

تشاهد دول العالم عن كثب مجريات الأحداث في المناطق المشتعلة، وأيضًا المناطق الساخنة التي من الممكن أن تشتعل في أي لحظة بسوء تقدير. فكل دولة لها حسابات خاصة ومواءمات تتفق أو تختلف أحيانًا مع نفس المعسكر الذي تنتمي إليه، مما يزيد من صعوبة الأوضاع الراهنة دوليًا وإقليميًا. كما أنهناك أدوار مبهمة لبعض الدول تبدو كذلك للشعوب، لكنها لا تخفى على الأجهزة الاستخباراتية وصناعالقرار.

إيران، على سبيل المثال، تموّل عسكريًا وماليًا جماعة الحوثي في اليمن وحزب الله في لبنان والجيشالسوري وميليشيات تابعة له في العراق وحركة حماس. ونجحت إيران في جعل منطقة الطوق للكيانالمحتل دائمة الالتهاب. وتحاول أيضًا جعل منطقة ممر فيلادلفيا نقطة توتر بين مصر والكيان، وتراهنوتتمنى أن يشتعل حتى يتسنى لها أن تخفف من الضغط عليها والدفع قدمًا نحو الاشتباك هي الأخرىلتحقيق أهداف ومكاسب من الشرق في التطبيع مع دول الخليج، ومن الغرب للتحرر من الحصارالاقتصادي وبرنامجها النووي، وإقامة حلف عربي مصري تركي يضمن التوازن والاستقرار للجميع. يكونمردوده على الداخل الإيراني مزيدًا من الرضا على النظام الملالي بعد كثير من الإخفاقات.

وأيضًا دولة الإمارات العربية المتحدة تشترك في أكثر من ملف. فقد انخرطت سياسة دولة الإمارات ذاتالعباءة الاقتصادية والمالية الكبيرة للعب دور التمويل بالمال والسلاح في أكثر من دولة منها مصر وليبياوالسودان وتشاد وإثيوبيا وجيبوتي وجنوب السودان وحركةصومالي لاندغير المعترف بها، بل ذهبتأبعد من ذلك فقد طبّعت مع الكيان المحتل تحت عنوانالاتفاق الإبراهيميمن أجل التسليح بطائراتF35 التي لم تُنفذ حتى الآن. كما أبرمت شراكات مع شركات إسرائيلية، وأصبحت دولة الإمارات ملاذًا آمنًالبعض الدول المحاصرة اقتصاديًا مثل روسيا وإيران، وتوفير احتياجات تلك الدول من الدولار أو الذهب. فتجد نشاط هاتين الدولتين في توافق وتضارب للمصالح مع مختلف الدول مما يزيد من صعوبة الأوضاع الراهنة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

ولذلك تتابع الدول كل التغيرات عن كثب، الدولية والإقليمية، بهدوء حذر وترقب، خاصة مصر التي تنخرط بدورها الإقليمي والعربي والأفريقي بعدد لا بأس به من الملفات الحيوية والمهمة والحساسة لأمنها القومي على كل الاتجاهات الاستراتيجية، للحفاظ على مقدراتها من الطاقة والمياه والمنافذ البحرية والحدود في معركة لا يمكن وصفها إلا بـصراع البقاء والتنميةوسط عالم مشتعل بالأحداث الجسيمة.

لذلك لم تدخر مصر جهدًا في بناء الدولة والجيش بكل ما هو حديث. فأسست مصر لفصل جديد منالنهضة العمرانية والصناعية والخدمية وكذلك في البنية التحتية، حتى أصبحت محط أنظار وإعجابالعالم في الأداء والسرعة في البناء. وعلى صعيد التسليح وبناء جيش قوي حديث، لم تدخر مصر جهدًافي هذا الملف، وذهبت شمالًا وشرقًا وغربًا مع التركيز على نقل التكنولوجيا حتى تخرج من عباءة الدولالغربية التي تضمن تفوق الكيان المحتل. ولعل أبرز الملفات التي تثير حفيظة الغرب، وخاصة أمريكا، هوالتقارب المصري الصيني الروسي الأخير. بعد نجاح مصر في اقتناص صفقة طائرات حربية حديثة تضمنلمصر سيادة جوية ضد التهديدات المحتملة على جميع الاتجاهات، وستحتفل القوات الجوية وكاملالشعب المصري بانضمامها قريبًا جدًا.

والجدير بالذكر أن الرفض الأمريكي لامتلاك هذه الصفقة للجيش السوداني هو من أشعل الوضع هناك،والرفض التام لدخول الصين إلى السودان، سواء اقتصاديًا أو عسكريًا. فالدول الكبرى لا تراعي حقالشعوب في التنمية والاستقلال في القرار إلا بمعايير موضوعة مسبقًا للدول الهشة اقتصاديًا وسياسيًاوعسكريًا. فلا وجود للضعفاء في عصر القوة. تلك هي سياسات العالم الاقتصادي التي لا تعرف إلاالمكاسب وإن كانت على أنقاض أمم ودول.

تحيا مصر حرة أبية شامخة، هاماتها بين الأمم بسواعد أبنائها الأشداء المخلصين. تحيا مصر.

Comments (0)
Add Comment