بقلم – رانيا ضيف
لماذا تصر وزارة التربية والتعليم في مصر على إعادة اختراع العجلة؟
ألا يوجد تجربة في العالم جديرة بالمحاكاة عوضا عن الغرق في دومات تجارب متلاحقة؟!
هل اعتدنا المجازفة بمصير أبنائنا ومستقبلهم وإخضاعهم لتجارب مختلفة لمنظومة تتغير بتغير الوزير ؟
أين الخطط طويلة الأمد والخطط المرحلية والرؤى المستقبلية المدروسة والتي لا تتغير بتغير رؤى كل وزير جديد؟!
هل من المنطق أن يتفاجأ أولياء الأمور والمدرسون وكل العاملين في منظومة التعليم كل عامين أو أكثر بنظم جديدة وتغييرات مفاجئة؟!
هل يتم دراسة تلك القرارت ومردودها أو عرضها على مختصين قبل الموافقة عليها واعتمادها؟
الكثير من الأسئلة وأصوات أولياء الأمور الغاضبة من تلك التغييرات التي طالت حتى الدبلومات البريطانية والأمريكية أو التعليم الدولي!
والتي اتحفتهم الوزارة مؤخرا بقرارات جديدة أقل ما يقال عنها أنها صادمة وغير مدروسة!
حيث أصدر وزير التربية والتعليم قرارًا يلزم جميع المدارس التي تطبق المناهج الدولية (مثل نظام البكالوريا الدولية IB أو النظام البريطاني IGCSE أو النظام الأمريكي SAT) بتدريس مادتي اللغة العربية والتاريخ المصري كمواد إلزامية لجميع الطلاب. جاء القرار بهدف ترسيخ الهوية الوطنية لدى الطلاب والحفاظ على اللغة العربية والتعريف بالتاريخ المصري.
يشمل القرار النقاط التالية:
1. إلزامية تدريس مادتي اللغة العربية والتاريخ المصري لجميع طلاب المدارس الدولية داخل مصر.
2. تحديد المنهج الدراسي لمادتي اللغة العربية والتاريخ المصري بحيث يكون متوافقًا مع المعايير الوطنية ويخضع للإشراف من قِبَل وزارة التربية والتعليم.
3. امتحانات المواد ستكون تحت إشراف وزارة التربية والتعليم، وستحدد درجات النجاح والرسوب بناءً على اللوائح المحلية.
4. التطبيق الفوري للقرار بدءًا من العام الدراسي المقبل، مع إلزام المدارس الدولية بالامتثال لهذه التعليمات وتضمينها في جداولها الدراسية!
5- كما وجه القرار بالتزام كافة الطلاب المصريين الحاصلين على شهادة دولية معادلة للثانوية العامة سواء حصل عليها داخل أو خارج جمهورية مصر العربية بالتقدم للامتحان في مادتي اللغة العربية والتاريخ اللذان تعقدهما الوزارة وتحتسب درجاتهما ضمن المجموع الاعتباري للطالب، وتحتسب ضمن مجموع الدرجات التي يحصل عليها الطالب وبنفس ذات القواعد والنسب المقررة.
ويسرى هذا القرار وتطبق أحكامه على كافة الطلاب الملتحقين بمرحلة رياض الاطفال (KG1 ) وحتى الصف التاسع أو ما يعادله اعتبارا من العام الدراسي ۲۰۲٤ /۲٠٢۵ ، كما يسرى القرار وتطبق أحكامه على الطلاب المقيدين بالصف العاشر أو ما يعادله اعتبارًا من العام الدراسي ٢٠٢٥ / ٢٠٢٦
والسؤال الذي نطرحه على سيادة الوزير
ما الأسباب التي دفعت أولياء الأمور وأبنائهم لاختيار هذا النوع من التعليم وتكبد آلاف الدولارات سنويا؟!
إنه بكل بساطة حرية اختيار المواد الدراسية بما يناسب تطلعاتهم وخططهم المستقبلية.
كذلك زيادة الفرص المتاحة لدخول الامتحانات مرات عديدة لتحسين المجموع النهائي.
ولما تتميز به المناهج من تطور ومناسبتها وملاءمتها للمقاييس العالمية.
وقد وضع تلك المناهج أساتذة مختصين في أكبر جامعات العالم مثل كامبريدج واكسفورد وهارفارد وغيرها وبالتالي طرق الحفظ والتحصيل القديمة المملة خارج نطاق المعادلة والتي مازالت مترسخة في المناهج المصرية خاصة للمواد الأدبية منها.
لذلك تُعد إضافة مواد جديدة مثل اللغة العربية والتاريخ دون مراعاة العبء الدراسي وحرية الاختيار إجحافًا بحق الطلاب. التعليم الدولي يتميز بمناهج موجهة لتطوير مهارات التفكير النقدي والإبداع، لذلك فرض مواد إضافية سيحول تركيز الطلاب عن هذه الجوانب المهمة.
كذلك يتجاهل القرار تنوع الخلفيات الثقافية والدينية للطلاب في المدارس الدولية حيث تضم طلابًا من خلفيات متعددة، بما في ذلك أبناء الوافدين والأجانب. فرض مواد محلية مثل اللغة العربية والتاريخ المصري قد يكون غير ذي صلة بالنسبة لهؤلاء الطلاب!
وإذا كانت الوزارة تتيح لأولئك الطلاب مجتمعين من خارج مصر وداخلها ٥٪ فقط من مقاعد الجامعات الحكومية فما الداعي الآن لإضافة هذا العبء الذي سيثقل كاهلهم بل وينفرهم من الدراسة في مصر بشكل عام؟!
كان يجدر بكم محاكاة نظام التعليم الدولي وتخفيف الضغط عن جميع الطلاب لا إضافة مزيد من الأعباء والضغوط على الطلبة وأولياء أمورهم!
السؤال الآخر
لماذا لا يتم إدراج تدريس مادتي اللغة العربية والتاريخ المصري منذ المراحل التعليمية التأسيسية، وأن يكون النجاح فيهما شرطًا بنسبة 60٪ للقبول في الجامعات المصرية، بدلاً من إجبار طلاب المراحل المتقدمة على دراستهما بشكل مفاجئ ودون تأسيس مسبق؟!
سيادة الوزير إن العدول عن هذا القرار هو تصحيح للمسار، أما عن المواد التي تدعم الهوية الوطنية فهي موجودة بالفعل لأنهم يدرسون اللغة العربية والتربية الوطنية والدراسات الاجتماعية دون تقييدهم بنسبة ٢٠٪ من المجموع النهائي!
كما يمكن تطوير مناهج اختيارية تحفز الطلاب على تعلم اللغة العربية وفهم التاريخ المصري من خلال أساليب تعليمية مبتكرة وجذابة. الاستراتيجية الناجحة لبناء الهوية الوطنية لا يجب أن تكون بالإجبار، بل بالتوعية والإلهام.
لذا نتمنى إعادة النظر في القرار بما يخدم مصلحة الطلاب ويحقق التوازن بين تعزيز الهوية الوطنية ومتطلبات التعليم الدولي.