بقلم- رانيا ضيف
شهدت مصر في السنوات الأخيرة موجة متزايدة من قطع الأشجار الجائر، وهي ظاهرة باتت تهدد التوازن البيئي وتنعكس سلبا على جودة الحياة للمواطنين. فتدمير المساحات الخضراء والغابات يعد اعتداءً صارخا على البيئة ويؤدي إلى عواقب وخيمة على المناخ والصحة العامة والاقتصاد.
حيث تتعرض العديد من المناطق في مصر، خاصة في الأرياف والمناطق النائية، لحملة واسعة من قطع الأشجار بهدف استخدام الخشب كوقود أو لتوسيع الرقعة الزراعية أو البناء العشوائي. هذه الأنشطة غير القانونية تتم غالبًا دون أي رقابة أو تنظيم من قبل الجهات المعنية، مما يؤدي إلى تدمير مساحات شاسعة من الغابات والأحراش.
تلك الممارسات لها تأثيرات البيئية سلبية من حيث تغير المناخ حيث تلعب الأشجار دوراً حيوياً في تنظيم المناخ المحلي من خلال توفير الظل وتقليل درجات الحرارة، فضلا عن امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الأكسجين. قطع الأشجار يؤدي إلى فقدان هذه الفوائد، مما يسهم في ارتفاع درجات الحرارة وزيادة التلوث الجوي.
كما تؤدي تلك الممارسات لتآكل التربة حيث تعمل جذور الأشجار على تثبيت التربة ومنع التآكل. إزالة الغطاء النباتي يؤدي إلى زيادة خطر انجراف التربة وفقدان الخصوبة، مما يؤثر سلباً على الإنتاج الزراعي. كما تؤدي كذلك لفقدان التنوع البيولوجي حيث تعتبر الغابات موطناً للكثير من الأنواع الحيوانية والنباتية. قطع الأشجار الجائر يؤدي إلى تدمير المواطن الطبيعية لهذه الكائنات، مما يهدد بانقراض العديد منها ويقلل من التنوع البيولوجي.
أما التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية:
1.خسائر اقتصادية: تعتمد بعض الصناعات الريفية على منتجات الغابات. وتدمير هذه الموارد الطبيعية يؤدي إلى فقدان مصادر دخل هامة للأسر والمجتمعات المحلية، مما يزيد من مستويات الفقر والبطالة.
2. تدهور الصحة العامة: تراجع المساحات الخضراء يزيد من تلوث الهواء، مما يؤدي إلى زيادة انتشار الأمراض التنفسية والحساسية بين السكان. كما أن فقدان الظل الطبيعي يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، مما يزيد من معاناة الفئات الضعيفة مثل الأطفال وكبار السن.
بعض الحلول المطروحة للقضاء على هذه الظاهرة والتي جاءت في بعض الدراسات العلمية رفيعة المستوى..
1. تشديد الرقابة: يجب على الحكومة تعزيز الرقابة وتطبيق القوانين بصرامة لمنع قطع الأشجار غير القانوني. كما يجب تعزيز دور الشرطة البيئية وتوفير الموارد اللازمة لها.
2. التوعية البيئية: يجب إطلاق حملات توعية لتثقيف المجتمع حول أهمية الأشجار والغابات والفوائد البيئية والاقتصادية التي توفرها. يمكن استخدام وسائل الإعلام والمدارس والجامعات لتحقيق هذا الهدف.
3. تشجيع التشجير: ينبغي على الحكومة والمجتمع المدني تشجيع زراعة الأشجار من خلال برامج التشجير وتقديم حوافز للأفراد والمجتمعات المحلية للمشاركة في هذه الجهود.
4. استخدام بدائل مستدامة: يجب تشجيع استخدام بدائل مستدامة للخشب كوقود، مثل الطاقة الشمسية والغاز الطبيعي، للحد من الاعتماد على قطع الأشجار.
قطع الأشجار الجائر في مصر يمثل تهديدًا خطيرًا للبيئة والصحة العامة والاقتصاد. لذا يجب على جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة والمجتمع المدني والمواطنين، العمل معًا لاتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة لوقف هذه الظاهرة الكارثية وحماية ما تبقى من غاباتنا ومصادرنا الطبيعية.