تفشي فيروس شلل الأطفال في غزة: فهم التهديد الذي يشكله شلل الأطفال من النوع الثاني

د. إيمان بشير ابوكبدة

أثارت حالة إصابة حديثة بشلل الأطفال من النوع الثاني لدى طفل يبلغ من العمر 10 أشهر في غزة قلقا شديدا بين منظمات الصحة العالمية. وهذه هي أول حالة إصابة بشلل الأطفال من النوع الثاني في القطاع منذ 25 عاما، مما يسلط الضوء على المخاطر الشديدة التي قد تترتب على تفشي المرض في المنطقة، وخاصة في ظل الحرب ضد أهلي غزة.

في 16 يوليو 2024، أعلنت شبكة مختبرات شلل الأطفال العالمية عن اكتشاف ست عزلات من فيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاح من النوع الثاني في عينات بيئية تم جمعها من دير البلح وخان يونس في غزة. وأظهرت هذه العينات ارتباطًا وراثيًا وثيقًا، مما يشير إلى أن الفيروس المنتشر في غزة ربما تم إدخاله في وقت مبكر من سبتمبر 2023.

شلل الأطفال من النوع الثاني، والمعروف أيضًا باسم فيروس شلل الأطفال المنتشر المشتق من اللقاح من النوع الثاني (cVDPV2)، هو أحد سلالات فيروس شلل الأطفال الثلاثة. وعلى عكس الشكل الطبيعي للفيروس، فيروس شلل الأطفال البري، ينشأ cVDPV2 من لقاح شلل الأطفال الفموي (OPV). يحتوى لقاح شلل الأطفال الفموي على شكل حي ضعيف من فيروس شلل الأطفال، والذي يتكاثر في الأمعاء ويبني مناعة عن طريق تحفيز استجابة مناعية.

خلال عملية التكاثر هذه، يتم إفراز فيروس اللقاح ويمكن أن ينتشر داخل المجتمع، وخاصة في المناطق التي تعاني من نقص الصرف الصحي، مما يوفر تحصينًا سلبيًا للآخرين. ومع ذلك، في حالات نادرة، وخاصة في المناطق ذات معدلات التحصين المنخفضة، يمكن أن يتحور هذا الفيروس الضعيف إلى شكل أكثر عدوى ويبدأ في الانتشار بين السكان.

ورغم أن فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح من النوع الثاني ليس أكثر خطورة من النوعين الأول والثالث، فإنه كان مسؤولاً عن معظم حالات تفشي شلل الأطفال في السنوات الأخيرة. وهذه الفاشيات مثيرة للقلق لأن الفيروس المتحور يمكن أن يسبب الشلل لدى المصابين.

خطط التطعيم
علاوة على ذلك، أدت الحرب على غزة إلى الإضرار الشديد بالبنية التحتية للرعاية الصحية في المنطقة. حيث لا يعمل سوى 16 مستشفى من أصل 36 مستشفى بشكل جزئي، ولا يزال 48 من أصل 107 مرافق للرعاية الصحية الأولية تعمل. وهذا يجعل من الصعب الحفاظ على تغطية عالية للتطعيم، مما يخلق بيئة خصبة لانتشار فيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاح من النوع الثاني.

وفي الوقت نفسه، أعلنت منظمة الصحة العالمية ووكالات الأمم المتحدة الأخرى عن خطط لتطعيم أكثر من 640 ألف طفل في غزة بأكثر من 1.6 مليون جرعة من لقاح شلل الأطفال ، تستهدف هذا النوع على وجه التحديد. ومن المقرر أن تبدأ الحملة في أواخر أغسطس وسبتمبر 2024. ومع ذلك، فإن نجاحها يتوقف على تحقيق هدنة إنسانية في القتال، مما يسمح بتسليم اللقاحات وإدارتها بشكل آمن.

ورغم أن حماس أعربت عن دعمها لمثل هذا التوقف، فإن إسرائيل لم تلتزم به بعد. ومع ذلك، فقد وافقت على تسهيل حملة التطعيم من خلال السماح بدخول اللقاحات والحفاظ على سلسلة التبريد، والتي تنطوي على إبقاء اللقاح في نطاق درجة حرارة محددة (2-8 درجات مئوية) لضمان فعاليته. وسلمت اليونيسف معدات التبريد إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم.

تفشي فيروس شلل الأطفال في غزة: فهم التهديد الذي يشكله شلل الأطفال من النوع الثاني
Comments (0)
Add Comment