الدور السياسي للخيزران بنت عطاء

 

د/ زمزم حسن

لعبت الخيزران دورًا فعالًا في الخلافة، فهي من النساء اللواتي برزن في عالم السياسة في العصر العباسي حتى صار اسمها علامة مميزة للعصر الذي عاشت فيه، مثل زبيدة زوجة الرشيد وغيرها. فيما يلي تلخيص لحياتها السياسية خلال العصر العباسي.

مناصب الخيزران بنت عطاء:

لم تكن الخيزران تشغل مناصب رسمية خلال العصر العباسي، فلم تكن دولة الخلافة العباسية مثل الإمبراطوريات الأجنبية حيث تصبح زوجة الملك ملكة. بل كانت زوجة الخليفة تمارس نفوذًا في النهي والأمر داخل القصر وأحيانًا خارجه. في عهد محمد المهدي، زوجها، كانت الخيزران تملك سلطة على كل من في القصر، ترسل الغلمان والجواري ليقضوا لها ما تشاء. كما كانت خزائن الدولة تحت تصرفها، تأخذ منها ما تريد وترسل الهبات، كما فعلت مع الواقدي عندما حضر مجلس المهدي وغضب من الخيزران. في هذا الموقف، أدرك الواقدي أن عليه تهدئة الخليفة، فبدأ يذكّره بأحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عن النساء وأن العاقل يجب أن يتعامل معهن وفق الشريعة. بذلك، سكن غضب الخليفة ومنح الواقدي ألفي دينار، وعند عودته إلى بيته جاءه رسول الخيزران ليمنحه ثيابًا وألفي دينار كذلك.

كانت الخيزران تقضي حوائج الناس دون الرجوع للخليفة المهدي، وكانت تستقبل الهدايا العظيمة القيمة، حتى أنّ بعض الناس أرسلوا لها هدايا ليتزكوا عند الخليفة، مثلما حدث مع من أرسل لها مئة وصيف يحملون جامًا من الذهب مملوءًا بالمسك. لكنها ردت عليه بقولها: “إن كان ما بعثتَ به إليَّ من هديتك ثمنًا لرأي فيك فقد بخستَني القيمة، وإن كان استزادةً فقد استغششتَني في المودَّة”، ورفضت هديته.

الخلاف مع ابنها الهادي :

ذكرت الروايات عدة تفاصيل حول خلافها مع ابنها الهادي، منها ما يؤكد حقيقة الخلاف ومنها ما ينفيه تمامًا. قيل إن الخيزران كانت ذات شأن وحظوة عند المهدي، والد موسى الهادي، لكن عندما تولى الهادي الخلافة انفردت بالكثير من أمور الحكم، وأصبحت تستقبل الوفود والأمراء وتأمرهم وتنهاهم. وهذا أغضب الهادي، فأنّبها وأغلظ لها القول، فقيل إنها انتقمت منه بدس السم له في الطعام، أو أنها غضبت منه عندما أراد خلع أخيه هارون عن ولاية العهد وقتله. لكن هنالك من قال إنه لم يكن هنالك خلاف، وأنّها لم تكن تكرهه بل كان عزيزًا عليها مثل أخيه هارون، وإنّما كانت وفاته بسبب قرحة توفي على إثرها. صلى عليه أخوه هارون الذي تسلم الخلافة بعده، وقد كانت منزلة الخيزران عنده مثل منزلتها عند المهدي بل وأكثر كونها والدته وحقها عليه ليس كحق الزوجة على زوجها.

دور الخيزران بنت عطاء في الحكم :

كان للخيزران حضور في قصر الحكم خلال فترات حكم المهدي، ثم الهادي، وأخيرًا هارون الذي توفيت في عهده. كانت تتصرف في شؤون القصر، وترسل الهبات والأعطيات، وتكافئ المحسن وتعاقب المذنب. سعى الناس لكسب ودها كي تزكيهم أو تفتح لهم الطريق للوصول إلى الخليفة. وذكر المؤرخون أن البعض أرسل لها هدايا ليطلبوا تزكيتها عند الخليفة، كما حدث مع صاحب المئة وصيف الذين يحملون جام الذهب.

الدور السياسي للخيزران بنت عطاء
Comments (0)
Add Comment