جولة في مستشفى حكومي وآخر خاص

د. فرج العادلي

بالأمس تجولت في مستشفيات خاصة وآخر حكومي وكانت النتيجة أن هناك مكلومين بالمرض ومقهرين بالفقر، يعانون الأمرين بكل تفاصيلهما الكثيرة، والمعقدة، والتي لا علم لهم بنهايتها، فهم في نفقٍ مظلم بالنسبة لهم لا ينتهي ظلامه

المستشفيات الحكومي توفر السرير والرعاية الطبية نعم ، لكن هناك أشياء أخرى كثيرة خلف الكواليس إذا عرفتها قد تصيبك بالأسى

فهناك أدوية خاصة لمرضى الكبد والجهاز الهضمي وغيرهما من الأمراض الكبيرة باهظة الثمن نعم باهظة الثمن بالنسبة للفقير والمتوسط، ففي كل ساعة أو ساعتين يُطلب من أهل المريض الذين توقفت أحوالهم ومعايشهم منذ أيام أو شهور يطلب منهم
حقنة ب ٦٠٠ جنيها،
ووالله تُطلب هذه الحقنة أكثر من خمس مرات يوميا، نهيك عن المحاليل، والدم، الذي يتطلب متبرعا وفوق تبرعه ٦٠٠ جنيه لكل كيس،!!! والعلاجات من عقاقير وأدوية حتى چونتيات التنظيف على أهل المريض ،

لدرجة أن الناس يبكون بحرقة وحسرة أمامك بعد مقاومتهم الشديدة كتمان الصوت؛ لعدم قدرتهم على مواصلة شراء العلاج، لكن البكاء يغلبهم فيتركون أنفسهم، وأنى لمريض يسمع ويرى هذا أن يُعجل بشفائه !

بل والله وجدت بعضهم لم يأكل منذ يوم أو أكثر فأعطيتهم قدر استطاعتي طعاما، وكلهم عفة وعزة نفس تحيرك كيف لا وقد أصبحوا بين عشية وأخرى في هذا الموقف العسر

القادر من المرضى المجاورين لهم يساعد ؛ لأنه يشاهد بعينة ولا يستطيع أن يغض الطرف.
والحمدلله تعالى أن أكرم والدي بالمال، وهو لا يحتاج حتى لنا نحن، بل ينفق على أحفاده تطوعا منه رغم أن آباءهم في الخليج بارك الله فيهم جميعا

لكن قضيتي هي أن يتوجه الأغنياء وطالبوا الثواب الكبير إلى هذه الأمكان المكلومة المجروحة بل الدامية، فإن فيها موضع ابتغاء الأجر من الله بحق، نعم بحق.

ففي خلال يومين عرفت أن النفقة في هذه الأماكن أفضل من بناء المساجد إن لم تستطع الجمع بينهما، لأن الساجد أهم من موضع السجود، بل إن الإنسان عند الله أهم من الكعبة كما هو معلوم- رغم فضل بناء المساجد الذي يعرفه الجميع، ورغم مكانة وجلالة قدر الكعبة المشرفة-، لكن الإنسان أيضا هو خليفة الله في الأرض، فانظر من يخلف تعرف قيمة الخليفة ؟

فيا عباد الله كلٌ في مكانه، ومحافظته، عليكم بالمرض خاصة الأمراض التي تقعد صاحبها عن العمل وتقعد معه أهله، فوالله إنه لو ذهب لوجد الله عنده كما قال بعض أهل العلم
ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
أما لو زرته لوجدتني عنده.

ادركوا الفقراء فإما أن يموت مرضاهم أمام أعينهم، وإما أن يستدينوا ثم لا يجدون قضاء الديون

الله الله في هذه البقاع

فإنكم ستُسألون عنهم يوم الميعاد ويوم التناد.

ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا.

جولة في مستشفى حكومي وآخر خاص
Comments (0)
Add Comment