بقلم: بسمة خالد
أخصائي علم النفس والإرشاد الأسري
هل أصبحت الضغوطات أكثر من قدرتك على التحمل؟
هل وجدت نفسك فجأة تواجه صعوبة في التركيز على مهامك اليومية؟
غالبًا ما نمر في حياتنا بمواقف خارجة عن إرادتنا، ويشعر كل فرد منا بالتوتر في مرحلة ما من حياته، مما يتطلب منا الكثير من الصلابة النفسية للتعامل معها. فالقلق شعور شائع وطبيعي بين البشر. يتمكن البعض من التعامل مع مثل هذه الضغوطات والقلق بشكل صحي، لكن بالنسبة لآخرين، يصبح تراكم الضغوط أكثر من قدرتهم على التحمل ويؤدي إلى ما يسمى “الاحتراق النفسي”.
الاحتراق النفسي هو حالة من الإرهاق الجسدي والنفسي الناتج عن الإجهاد المستمر والشعور بالتشاؤم والاكتئاب. قد ينتج عنه الإحساس بالفشل، الشك الذاتي، الشعور بالعجز والوحدة، فقدان الدافعية، السخرية من الآخرين، انخفاض الشعور بالارتياح، والإحساس بعدم الرضا عن الإنجاز الشخصي والأداء المهني.
تصل هذه الحالة إلى الفرد بعد زيادة الضغوط، مما يسبب الانهيار والإرهاق ويظهر على سلوكه وتصرفاته.
أعراض الاحتراق النفسي
تنقسم الأعراض إلى ثلاث محاور:
– أعراض جسدية: منها الشعور بالتعب والإرهاق المستمر، انخفاض المناعة، الصداع، الأرق، وتغير في الشهية. كذلك قد يؤدي ارتفاع هرمون التوتر لفترات طويلة إلى مشاكل في القلب.
– أعراض شعورية: منها فقدان الشعور بالمتعة، انخفاض الطاقة وفقدان الهدف، عدم تقدير الذات، والتقلبات المزاجية المفاجئة.
– علامات سلوكية: منها عدم الرغبة في التواصل مع الآخرين، الانسحاب من العلاقات الاجتماعية، قلة التركيز، ضعف الإنتاج والإبداع، والتردد في اتخاذ القرارات.
أسباب الاحتراق النفسي
– ضغوطات العمل الشديدة التي يمكن أن تؤدي إلى تعطيل التوازن بين العمل والحياة الشخصية، مما يسبب استنزاف الطاقة والمجهود وعدم القدرة على الإبداع والعيش بإيجابية وسعادة.
– الشعور بعدم القدرة على السيطرة على الأمور وإدارة المهام بشكل سليم، مما يؤدي إلى الاحتراق النفسي والشعور بالعجز الشديد.
– سعي الفرد للكمال في إنجاز المهام، والتشاؤم في نظرته للعمل والحياة بشكل عام.
– عدم الشعور بالتقدير؛ فالفرد الذي يرى تقديرًا لعمله ومهامه اليومية يزداد ثقة في نفسه ويشعر بالمسؤولية، مما يعزز روح الإبداع والإنجاز لديه.
– كثرة المسؤوليات والمتطلبات الشخصية وازدياد المشاكل من كل جوانب الحياة، مما يؤدي إلى الشعور بالإجهاد والتوتر.
– الافتقار إلى الدعم والمساعدة من الآخرين مثل العائلة أو الأصدقاء.
– عدم أخذ فترة راحة بعد المهام الصعبة أو بين أوقات العمل.
علاج الاحتراق النفسي
يعتمد علاج الاحتراق النفسي على شدة الأعراض وسبب الإصابة. وقد يشمل العلاج ما يلي:
– تحسين التوازن بين الحياة العملية والشخصية: من خلال إدارة الوقت وتحديد أولويات العمل والاهتمام بالحياة الشخصية والأنشطة التي تستمتع بها.
– تحديد أهداف وطموحات واقعية: حدد أهدافًا وطموحات واقعية قابلة للتحقيق، وكن رحيماً بنفسك إذا لم تتحقق بعض الأهداف.
– الدعم الاجتماعي: يمكن أن يساعد الدعم الاجتماعي من العائلة والأصدقاء في التخفيف من حدة الضغوط النفسية.
– تغييرات في نمط الحياة: مثل الحصول على قسط كافٍ من النوم، التغذية الصحية، وممارسة الرياضة بانتظام.
– ممارسة تمارين التنفس العميق: حيث تساعد في تقليل التوتر والضغط. جرب تقنية التنفس 4-7-8، حيث تستنشق الهواء من أنفك لعد أربعة، ثم تحبس النفس لعد سبعة، وأخيرًا تزفر الهواء ببطء لعد ثمانية.
– الاسترخاء والراحة: تساعد تقنيات الاسترخاء، مثل التأمل واليوغا، في تقليل التوتر والضغط.
يجدر بالذكر أن علاج الاحتراق النفسي قد يستغرق وقتًا وجهدًا، وهو عملية تتطلب التصميم والالتزام. إذا كنت تشعر بأنك تعاني من الاحتراق النفسي وتجد صعوبة في التعامل معه بمفردك، فلا تتردد في طلب المساعدة من متخصص نفسي للحصول على الدعم المناسب والإرشاد اللازم للتغلب على هذه الحالة. الاهتمام بصحتك النفسية هو الخطوة الأولى نحو حياة مليئة بالسلام والإيجابية.