معصوبة العينين…. والرداء الأسود

سها نافع
منذ الصغر ومنذ أن تعودنا على مشاهدة الأفلام العربية وخاصًة ذات الطابع البوليسي ونحن نرى أن ” محامي ” المتهم يرتدي فوق ملابسه رداًء أسود ؟!! ولم ينحصر هذا اللون في فيلم أو أثنين بل في جميع الأفلام التي شاهدناها وتابعناها ونظرًاً لحداثة سننا لم نلتفت لمثل هذه الأمور وقتها ، وعندما مرت بنا الأيام وأصبحنا قادرين علي التأمل والتحليل والنقد في بعض الأحيان بل وربط الواقع بما هو مقدم في الأفلام والمسلسلات ادركنا أنه ما هو إلا انعكاس لما نشاهده.
هنا لم تعد مشاهداتنا عابرة كما كانت من قبل.
هنا تأملت بل وتسألت كيف تكون إمراة معصوبة العينين رمزًا للعدالة ؟؟ وكيف يكون من يدافع عنها يرتدي لونًا أسود ؟؟
فبحثت لأجد ما أدهشني بل وأقنعني بالإجابة منذ لحظة ما قرأت :
يرجع ذلك إلى عام ١٧٩١ حيث شهدت أحدى مدن دولة فرنسا جريمة قتل وهروب المتهم الحقيقي وكان أحد القضاة يجلس في شرفة منزله وشاهد هروب المتهم بعد أن ارتكب جريمته ، وأسرع أحد المارة لإنقاذ القتيل وذهب به إلى المستشفى إلا أنه قد فارق الحياة فأتهمته الشرطة بإرتكاب الواقعة ، شاء القدر أن يكون القاضي هو نفسه الذي سيحكم في القضية وبالفعل حكم على الشخص البريء بالإعدام رغم أنه شاهد المتهم بنفسه لأن القانون لا يتعرف إلا بالأدلة والقرائن، وبعدها بفترة قصيرة انتابت القاضي حالة من تأنيب الضمير فأعترف بفعلته أمام الرأي العام الذي ثار ضده واتهمه بعدم الأمانة .
بعدها كان القاضي ينظر في أحد القضايا وإذا بمحامي المتهم الذي يترافع أمامه يرتدي روبًا أسود ، فسأله القاضي عن سر إرتداء هذا الروب الأسود فقال له المحامي:
” لكي أُذكرك بما فعلته من قبل وحكمت ظلمًا على متهم بريء بالأعدام “.
ومنذ هذه اللحظة أصبح الروب الأسود الزي الرسمي للمحامين في معظم دول العالم أمام القضاه وأضيف إليه شارة صغيرة بيضاء في إشارة إلى نقطة الأمل المضيئة للمتهم.
أما كون المرأة معصوبة العينين لأن العدالة تقتضي المساواة بين الخصوم دون أدنى تمييز بينهم .
وأما الميزان الذي تحمله فهو إشارة إلى احقاق الحق وفق القانون مع تقديم الخصوم لإدعائاتهم ودفاعاتهم لتحكم العدالة فيما بينهم لاحقًا .

معصوبة العينين.... والرداء الأسود
Comments (0)
Add Comment