د. فرج العادلي
لم يكن للشباب دورٌ في الخلافات العلمية ولا المنهجية بين العلماء والدعاة، بل لم يكونوا يعرفون عنها شيئا، أما الآن فرحى الحرب تدور بين الشباب والشباب فقط على مواقع التواصل، بل هم من يديرون المعركة جملة وتفصيلا، ويحدثون فيها أمورا عظيمة لا تخطر على بال أحد، ويرتكبون جرائم لا تدل على أن مرتكبها يدافع عن الدين ! لأن دينه ينهاه عن ذلك، فكيف تحارب وتنافح المخالف وأنت المخالف، وإن كان غيرُك يخالفك في مسائل اجتهادية فأنت ترتكب محرما بالإجماع وهو السب والقذف والتضليل والتكفير !!
مع أن كلامهم (غير المتخصصين) في الدين أصلا لا يجوز، فضلا عن دخولهم في غمار بحار المسائل الخلافية التي لا ساحل لها، لأن هذه المسائل تحتاج لمجتهد يدرس ويدقق ويرجح وفق منهجٍ وقواعد علمية لا تعرف العاطفة ولا التعصب ولا حب الانتصار، ثم يخبر العالِمُ بما يعتقد أنه الحق، وهذا النوع نادر في زماننا، فإذا كانت المسألة بين منهجين كبيرين ومنذ قرون فاعلم أن الترجيح عسر ووعر على أهل الزمان من أهل العلم فكيف بالعامة ومرتادي مواقع التواصل ؟!
وإذا كان العامي ليس من أهل الاجتهاد أو الترجيح فهو مقلد، والمقلد يقلد من يثق في علمه ودينه،( ولا يجوز) له النقل لغيره، فضلا عن المشاركة في المعارك العلمية الكبيرة … وهذا كلام متفق عليه في الملة، وليس فيه خلاف بحمد الله تعالى، ومن خالفه فقد خالف الإجماع ومخالفة الإجماع كبيرة وعظيمة، فإذا كنت مقلدا فالزم غرزك، واتبع ما يراه شيخك أنه الحق، وانجُ بنفسك، ولا تدخل تحت من تكلم بغير علم… وعليك بعبادة الله تعالى فهي السبيل،
واعلم أن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد، فاجتهاد شيخك لا يلزم شيخَ غيرك، ولا يبطله.
«لو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف». كما قال بعض أهل العلم
اكرر انشغل بالعبادة والاستغفار والصلاة والسلام على خير خلق الله وسترى خيرا كثيرا بإذن الله، ولا تكن من الممزقين للأمة فالأمة ممزقة بما يكفي فتشارك في إرث هذا الإثم العظيم .