متابعة عبدالله القطاري من تونس
اعتقد الكثيرون أنّ الزيتونة شجرة دخيلة على البلاد التونسية لم تصلها إلا في عهد الرومان (تورنييرو، 1929) إلا أنّ الأبحاث التاريخية دلت على أنّ شجرة الزيتون دخلتها في العهد القرطاجيّ (فنطر،1987)
القرطاجيون هم الذين أدخلوا هذه الشجرة إلى تونس. وقاموا بدور مهمّ في انتشارها بالبلاد إذ غرست أشجار الزيتون في مساحات شاسعة من الأراضي. والملاحظ أنّ الوثائق، رغم قلتها، تشير بوضوح على نحو لا يحتمل الرّيب إلى وجود غابات الزيتون الكثيفة في الربوع القرطاجية .
وممّا يؤكد اهتمام القرطاجيين بالفلاحة وبزارعة الزيتون خاصة:
بروز علماء في هذا القطاع الحيوي مثل ماغون الذي ألّف كتابا في العلوم الفلاحية يشتمل على 28 جزءا يعتبر مرجعا علميا مهمّا في علم الاقتصاد الزراعي. ولقد استعرض فيه طرق غراسة أشجار الزيتون والعناية بها.
حديث هيرودوتس اليوناني الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد عن أشجار الزيتون بالشمال الشرقي وبجزيرة قرقنة المشهورة بالكروم وبالزيتون.
وجود معالم أثريّة تحمل زخارف نباتيّة تمثّل أشجار الزيتون وأغصانها وأدوات فلاحية للعناية بها. وقد وجدت تلك الزخارف منقوشة على الأنصاب بقرطاج. وجاءت بقايا الآثار المعمارية بضاحية المرسى مدعومة لما عرفت به مروج ماجرة الغنّاء.
ولم تكن غابة الزيتون مقصورة على ضواحي قرطاج بل كانت منتشرة في مختلف الجهات ولا أدلّ على ذلك من أنّ الضرائب الموظفة كانت تستخلص زيتا، وفي ذلك إشارة إلى أهمية الزيتونة.
ولقد ذكر تيودورس الصقلي أنّ جنود ملك سرقوسة اندهشوا من كثافة غابات الزيتون التي مرّوا بها في القرن الرابع قبل الميلاد، عند دخولهم تونس عبر ليبيا والوطن القبلي. أمّا فيما يخصّ طرق انتشارها، فقد حرص حنبعل على أن يسهم جنوده في غراسة أشجار الزيتون خاصة بالساحل وذلك في أثناء الحرب البونيّة الثانية
. وممّا أورده ماغون في رسالته أنّ أشجار الزيتون المنتشرة في تونس قد حظيت بعناية فائقة من قبل القرطاجيين الذين كانوا يتقنون إكثار الأشجار سواء بغراسة الأصول المكثّرة أو بتطعيم الأشجار البرّية أو “الزبوس”. مقال الأخ بولبابه نصيري