بقلم / سالي جابر
صمت مهيب منبعث من هنا، وصراخات متعالية لم تهدأ هناك، قذائف، حرائق، جثث على أكفانها الأسماء… سماء مغطاة بالنيران والدخان، شوارع رمالها وحصاها بقايا إنسان… ذاك المشهد حياة، أم تودع أبناءها وديعة الرحمن، صغار يقبلون أيادي من يفارقون الديار، يبكون قهرًا، يموتون جوعًا والعالم حولهم في صمت. الغريب الذي يبحث عن السراب، عيونه وجلها، أجفانه مجفلة، يجر ساقيه كالنعيق يفقد غنمه، كالذي يؤد بناته يوم ولادتهن، يبكي بكاء الجمل ثم يتم نحره.
شتان بينهما في البكاء؛ بكاء عزة وكرامة على أرض لم ولن تكن يومًا مهانة، وبكاء فقر وذلة على خبز مدعم وكهرباء ونيران صيف وأسعار باهظة ومقاطعات لم تتم، وإعلانات تصور، وهزائم تقسم و…
اليوم تقف أرضنا صامتة لا تقوى على حمل ثوراتنا ولا تبلغ شكوانا السماء، فتكظ السحب غيومًا وأمطار فرح وانتصار. اليوم نذكر بعضنا البعض بالمقاطعة ونشمئز من هذا لأنه لم يكن معنا، وذاك لأنه قطع العهد وخاف الجوع والفقر.
اليوم تقف أرضهم ثائرة تتشرب الدماء وتتكون السحب بصراخ الأطفال ونحيبهم إلى أن تقوى السماء على الطيور الأبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فيحيلون كالعصف تدهسهم الأقدام. سيأتي اليوم الذي نطأطئ رؤوسنا خجلًا من أم قبلت كف صغيرها وقالت: لا تغلو على خالقك، من طفلة صغيرة حملت أخيها الصغير بين ذراعيها وصرخت صرخة لعنان السماء أخافت طيورًا شاردة ولم تخف جيوشًا من الأحرار.
أين أنت يا عمر؟ وامعتصماااه.