كتب- د. عادل يوسف
قد تقع في الحب دون أن تعرف، وقد تمر بتلك الأعراض والعلامات ولكنك لا تدرك أنك قد وقعت في حبال الحب ، وقد يحمل لك شخص ما مكانة خاصة في قلبه دون أن تشعر بأنه يحبك .
وفي هذا المقال سنكشف لك عن أهم أعراض الحب وصفاته، والتي يمكن من خلالها كشف ذلك السر الكامن في قلوبنا.
وتصحبنا الكاتبة المبدعة رانيا ضيف في رحلة لبيان أعراض الحب وصفاته من خلال كتابها (رسائل في جوف الليل) ومن أهم هذه الأعراض:
1-الشعور بالإعجاب والانبهار بالحب والعشق:
تقول رانيا ضيف معبرة عن الافتنان الشديد بالحب والعشق:
” حينما تعشق تزداد جمالا ، ترى صور الكون زاهية الألوان ، تنبض بالحياة ، العشق يزيد نفوسنا نقاء ، نحن نعشق لنحيا ،العشق يقضي على كل ظلام ، فلا نرى سوى النور”
1- الحبيب دائما في ذهن المحب:
فالحبيب يبقى في تفكير محبوبه ومشاعر الشوق تتجه إليه دون قصد مهما طال غيابه، تقول رانيا ضيف كاشفة هذه العلامة في رسالة (كيف النسيان):
” كيف الهروب ممن سكنت الروح ، واحتلت القلب، وزرعت في الدم فانتشرت في سائر الجسد ، كيف أقاوم روحي وقلبي وعقلي وكلي؟!”
وتقول رانيا ضيف أيضا:
” في غيابك صارت الضحكات عويلا.
في غيابك أصبحت صباحتي مثل أمسياتي.
جميعها غادرتها شمس السعادة.
في غيابك تشابهت وجوه الناس وأحاديثهم كأنهم رسوم متحركة لا روح فيها ولا حياة.
أرهقني غيابك كتسلق قمم جبال افرست .
غيابك أشبه بالانتحار .
أرأيت عزيزي القارئ كيف أثر الغياب على عقل ومشاعر المحبوب.
3-خضوع النفس وتغير شخصية الحبيب:
هنا يقوم الحبيب بتحويل طباعه إلى طباع المحبوب فينقلب طبع الشراسة والكراهية إلى طبع الليونة والاستسلام.
تقول الكاتبة رانيا في رسالة اعتراف عاشق:
“نعم عشقتها، فتحت في قلبي بابا لنور لا ينقطع ،اجتذبتني من يدي كطفل صغير لأرى عالم المحبة،
وأترك ساحات الحرب والقتال، أخذت من يدي سلاح الكراهية الحاد وأهدتني الحب”.
نلاحظ هنا كيف استطاع الحب أن يغير طبع هذا العاشق من طبع الشراسة والكراهية إلى طبع المحبة والليونة.
2- شعور المحب أحيانا بالضعف والاستسلام أمام الحبيب:
تقول الكاتبة في بيان هذه العلامة الخطيرة :
ماذا دهاني؟!
اعتدتني قوية عصية على مناورات الأحزان.
حتى جعلتها جسرا تحت قدماي ، فأين ذهب هذا الجسر ؟!
لماذا تاهت خطاي؟! وترنحت قدماي؟!
ما عدت أفهم ما يدور حولي !
وتقول في رسالة ( كيف النسيان) :
“إنها اقتلعتني من أرضي الخضراء ، وزرعتني في أرض قاحلة ، لا تروي عطشا.
أصبحت استنشق دخانا نابعا من احتراق روحي ولهيب قلبي المشتعل”
تأمل معي عزيزي القارئ قوة هذه العلامة وتأثيرها في قول الكاتبة: اقتلعتني من أرضي الخضراء، وزرعتني في أرض قاحلة، واحتراق روحي وقلبي المشتعل.
والآن نبدأ في عرض رؤيتنا الإبداعية لكتاب (رسائل في جوف الليل)للكاتبة رانيا ضيف:
هذا الكتاب يندرج تحت فن الرسائل الأدبية وهو من الفنون الأدبية العريقة التي تظهر مقدرة الكاتب، وموهبته، وبراعة أسلوبه ،وخياله الخصب، وعمق أفكاره.
السمات الفنية التي تميزت بها (رسائل في جوف الليل):
امتازت رسائل في جوف الليل( الكاتبة رانيا ضيف) عن الرسائل السابقة بدقة الملاحظة ، وأسلوب العرض ، واعتمادها الكبير على التجربة.
ومن أهم هذه السمات:
1- الخيال:
لعب الخيال دورا كبيرا في (رسائل جوف الليل) لدرجة أن الكاتبة كادت أن تسبح في بحر من الخيال الخصب ، والواسع والمبتكر، ويتضح ذلك من خلال براعة الكاتبة في نسج الصور الخيالية التي تموج بالحركة والحياة.
ومن خير الأمثلة على الصور الخيالية المبتكرة غير المسبوقة:
قول الكاتبة:
– أنا غاضبة على النحو الذي لو تنهدت على أرض لاحترقت، لكن غضبي مستتر بداخلي.
– أرهقني غيابك كتسلق جبال إفرست.
– اقتلعتني من أرضي الخضراء وزرعتني في أرض قاحلة.
– أصبحت أستنشق دخانا منبعث من احتراق روحي ولهيب قلبي.
– باتت النيران تنهشني.
– ضربة قوية لكمت بها نفسي.
– غادرتها شمس السعادة.
– مناورات الأحزان.
2-الإيقاع :
يعتبر الإيقاع من أهم السمات المميزة لهذه الرسائل ،حيث وظفت الكاتبة الإيقاع ؛لتبعث في الرسائل الحركة والحيوية والحياة من خلال النغمة الموسيقية التي تنتظم الكلام وتحدث جرسا موسيقيا يجذب مشاعر القارئ وانفعالاته.
ومن أمثلة ذلك قول الكاتبة :
– العشق شريان ، يغذي الثقة ، يخلق الفرحة ، يحتضن الأمل.
– لماذا تاهت خطاي؟، وترنحت قدماي؟ ، هل فقدت إيماني؟
– ما عدت أفهم ما يدور حولي ، ليت داخلي فينزوي.
3-المرسل إليه:
المرسل إليه في( رسائل في جوف الليل ) هو القارئ أو المتلقي.
ونلاحظ في هذه الرسائل أن الكاتبة لم تصرح باسم المرسل إليه صراحة واكتفت بالتلميح إليه مثل : عزيزي ، حبيبي، حبيبتي، إليك ، وذلك لتعطي صفة العموم والشمول لرسائلها فهي لا تقصد قارئ معين بل كل الناس.
4-مقدمة الرسائل:
جاءت مقدمة (رسائل في جوف الليل ) جاذبة للقارئ، لافتة للنظر وهذا سر من أسرار براعة الكاتبة؛ لأنها أرادت أن تجذب قلوب القارئ وعقولهم لمضمون الرسالة مثل قولها في البداية :
” هل حقا لا فرار من الحب إلا إليه”
3- خاتمة الرسائل:
اهتمت الكاتبة اهتماما كبيرا بخاتمة الرسائل؛ لأنها آخر ما يتبقي في النفس من الكلام؛ لذلك ينبغي أن يكون راسخا في قلب وعقل المتلقي فكانت أحيانا في الخاتمة تتودد إلى المتلقي بألفاظ تستميل عواطفه مثل قولها: يا شقيق الروح ونبض القلب وآهاته.
– يا قاتل الروح أدعوك لسلام عادل.