محمود سعيد برغش
يلاحظ أن الإسلام في منهجه التربوي للطفل في هذا المجال أنه جعل الأساس الذي يبنى عليه هذا البناء أهم مصدرين يحققان الاستقامة الدائمة للفرد في حياته كلها، وهما: القرآن والصلاة.
فالقرآن إذا حفظه الطفل فقد حفظ الكتاب الإلهي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ذلك الكتاب الذي من يحمله في صدره لا يضل ولا يشقى ولا ينتابه الزيغ عن الطريق المستقيم، لأن القرآن يحتوي على ما حرم الله، وما أحل الله، وما يحبه الله لعباده، وما لا يرتضيه لهم هذا ركن حصين.
والركن الثاني: وهو الصلاة، ذلك المعين الذي لا ينضب، والذي يمثل الآمر للمسلم بالمعروف، الناهي له عن المنكر.
فالصلاة تمثل صلة للعبد بينه وبين ربه – سبحانه- والمسلم يحس بقيمة الصلاة وفضلها، وأثرها في حياته، فهو سعيد بها، وحريص عليها، يهتم ويغتم لها، ويفرح بأدائها، ما أقامها إلا مؤمن ، وما فرط فيها إلا هالك في دنياه وأخراه، وهي شعار العبودية، ودليلها وهي حفظ، وستر، ورفعة، وعزة وكرامة، وغنى بالله عما سواه، وهي النجاة من كل شدة ومحنة، وهي الفرج من كل كرب، وهم وغم، وضيق ونكد، وشقاق، وخلاف، وهي سفينة النجاة من بحور مشاكل الحياة، وهمومها وغمومها، وهي البرد والسلام من لفح رياح الحياة الحارة، وهي الواحة الخضراء الجميلة التي يأوي إليها المصلي من صحراء الهموم القاحلة.
وهي العقل والقلب، والعاطفة والوجدان والشعور، وهي كل شيء في حياة صاحبها، بصلاحها تصلح أعماله، وبفسادها تفسد حياته كلها، ويلقى الخسران والندامة في الآخرة.
لذلك حينما يوجه الإسلام الطفل إلى هذين الركنين فإنه يقيم بناء الشخصية الإسلامية على أركان ثابتة لا تتأثر بهبوب رياح النفاق ولا الزيغ ولا الضلال.
الجانب الآخر أن القرآن والسنة دعيا إلى غرس الصفات التي تعد المسلم ليكون مسلما قويا في مجتمعه يتميز بقيم الرجوله وعدم الهوان.
ومن هذه الجوانب حفظ السر الذي يربي الطفل على قوة الإرادة والمجاهدة في حفظ السر، وهذا تدريب عملي للطفل يعينه في مواجهته الشدائد في المستقبل.
دعا الإسلام إلى التوجيه المستمر للطفل حتى يعلمه السلوك الصحيح فالطفل كثير الخطأ يحتاج إلى المداومة في التعليم والإصلاح المستمر، إن ذلك الأسلوب يرسخ في عقلية الطفل الفعل في صورته السليمة حتى يداوم عليه