بعد الستين قالوا لي:أنت لسه عايش يا راجل؟!

بقلم: م.سمير المطيعي
احتفلت بالأمس بعيد ميلادي السادس عشر ، واليوم أجد نفسي قرابة السبعين. وهنا
تذكرت حينما كنت صبيًا شقيا في مرحلة المراهقة حيث كنت أعيش في كفر المهابيل حينما أرى رجلا عجوزا كنت أسير وراءه أنا وأقراني ونهتف ( ياراجل ياعجوز مناخيرك أد الكوز ) لا أعلم كيف مرت هذه الأيام دون أن يقذفنا أحد العجائز بحجر من الأرض أو يضربنا بعكازه، لم يحدث هذا ،أعلل هذا بأننا كنا محظوظين وفي نفس الوقت كان عواجيز ذاك الزمان في مستوي متحضر أكثر مني، لكن عندما أخذت مكان أحدهم، لم أفاجأ بأحد الصبية الآن يقول لي السؤال التقليدي في بلادنا ( روح شوفلك تربة ) أو ( ياراجل أنت لسه عايش ) (دا أنت شيلت وربيت فرعون ازاي عايش لغاية دلوقتي) ؟
أتخيل وأتوقع بل مستعد إلى سماع مثل هذه السخافات من صبية في فترة مراهقتهم يكونوا قد أعطوا شوارع وحارات مصر أكثر بكثير مما أعطوه لبيوتهم، فهم صبية بلا ثقافات تذكر ولا أدب ولا مواهب ولا قدوة يحتذى بهم.
فحينما تأتي أي إساءة من أحدهم؛ حقيقة لا تجرح مشاعري، أما أن أسمع أحد البالغين يقول لي: يلا يا باشا عِد أيامك الباقية وانس أي نشاط وعش لنفسك فأنت لن تعيش قدر ما عشت !
أتذكر هنا يوم أُحلت على المعاش وكان عدد غير قليل من مختلف أقسام مكان عملي قد اصطف جميعهم بعد تحيتي وسط تصفيق حار وابتسامات لا تخلو من المحبة وفرح ممزوجًا بدموع الفراق.
سمعت في تلك اللحظة ( مبروك استمتع بحياتك ، ابدأ برنامجك الجديد كما لو كنت تلميذا تخطى مرحلة ليقفز لمرحلة أخرى، تبادلنا التليفونات ووسائل التواصل المختلفة والصور التذكارية وأنهينا حفلنا بعد سلامات حارة وأحضان صادقة.
ذهبت ، وبدأت رحلتي الجديدة بعد أن تلقيت الشحنات الإيجابية التي شجعتني للتواصل مع المجتمع دون الشعور بفراغ أو اكتئاب ، بدأت إنشاء عملي الخاص بي الذي كنت أحلم بتأسيسه، بدأت أندمج في خدمة المجتمع، ذهبت للمكتبات ، أدليت برأيي وخبراتي في رفع مستوى مدينتي التي أعيش فيها ، أقرأ كثيرًا وأكتب حينما أريد ، أنا أعيش لحظتي وأفكر في ألف عام قادم.
نعم، حتى وإن مت بعد لحظة ، فكلامي وكتاباتي ونصائحي وخبراتي التي تركتها للشباب اليافع حتمًا ستعيش أكثر من ألف عام. سيظل البعض يستظل ببعض أفكاري والبعض يتبنى فلسفتي في الحياة وهي”اعط قدر إمكانك دون انتظار المقابل”
أشعر بعد الستين أنني مخلوق جديد
يتصل بي العامة والخاصة من يعرفني ومن أخذ رقمي من أحد معارفي يسألني، يستفسر مني، ويطلب نصيحة فالأمانة تتطلب أن أكون إيجابيا، أنا بعد الستين أجري أكثر مما كنت أصغر سنًا، أنا الآن أنطلق، أنا الآن أخف وزنا وأكبر عقلا ، أنا الآن فوق الستين بكثير وأحتضن الدنيا بين يدي.
أنا اليوم أقولها ولكل من هم مثلي:انفضوا التراب، هيا ننطلق لنعطي بسخاء، هيا ننطلق لنستنشق رحيق الحرية ، نحن الآن نعطي وليكن أجرنا عند الله ولا ننتظر مديحا من أحدهم ولا كلمة طيبة من آخر.
سأسمع إلى بعض الصبية يقولون بعض العبارات السخيفة حينما ازور كفر المهابيل ، سأضحك حينها وأبتسم وأتركهم يلهون، لانهم بلا خبرات ولا يعلمون ان اليوم هو شاب يافع ، اما غدا سيكون بعد الستين ، ما اسرعك ايتها الايام ، فاليوم انت شاب او اكبر او اقل تذكر انك ستحتل غدا موقعي ، فالعمر لحظة ان لم يكن لحيظة .
فأنا فوق الستين وأفتخر.

Comments (0)
Add Comment