وريث شرعي الجزء الثالث والأخير

 

بقلم / مايسة إمام

اغتسل اغتسال الطهارة وتتوضأ ثم توجه لمن آذاهم لسانك وظلمتهم أذنك و عميت عن حقوقهم عينك إن كانوا ممن فوق الأرض فالتمس منهم الصفح والسماح ، وإن كانوا ممن تحت الأرض توجه لقبورهم ورطب ثراها بدموع ندمك

افترش ترابها وصل لربك وادعه مستغفرا نادما اسمع ضحاياك نحيب ندمك فالنفس لا تطهر إلا بالندم واللسان لا يطهر إلا بالاستغفار والدعاء والأذن لاتطهر إلا بصوت الآذان والترديد خلف المؤذن والعين لا يطهرها سوى دموع الندم

صرخ الإخوة الأربعة في عزيز في : هل صدقت هذا الأحمق المخرف لابد لنا من طبيب ماهر هيا نبحث عنه في أي مكان وبأي ثمن

قال الشيخ آسفا : لقد قلت ماأعلم والله أعلم ، رحمكم من كان بماخفي أعلم و تركهم لمصيرهم المعتم وتبعه الجيران فلم يعد أي منهم يحتمل الرائحة والموقف وبقي السيد عسران وأولاده الأربعة في وحدتهم يرسفون

في صبيحة اليوم التالي خرج عزيز من البيت ملثما ليبدأ رحلته المنشودة فوجد من وجد حيا يرزق وسار بين القبور راجيا حتي وصل لآخرهم وهو يترنح من الإرهاق وقد أحكم الإعياء قبضته عليه فسقط بين يدي الأرض التي تشبعت بدموعه مغشيا عليه

مر من الوقت مامر حتي دخل أحد زوار القبر يلتمس العظة وقراءة الفاتحة لموتاه ففزع من ذلك الشبح الملثم الملقي علي الأرض لا يحرك ساكنا حتي ظنه ميتا

اقترب بحذر يمسك بمعصمه ويضع أذنه علي صدره فوجد فيه من بقايا الحياة الفتات ، نهض الرجل بسرعة واحضر ماء ينثره علي وجهه مرددا : لاإله إلا الله بسم الله الشافي المعافي ، بسم الله الشافي المعافي

فتح عزيز عينيه بوهن لتعانق قرص الشمس في كبد السماء وطرب لصوت زقزقة تداعبه من شجرة قريبة فلم يصدق نفسه ونهض محدثا نفسه وهو يتحسس جسده ووجهه باكيا ضاحكا : لقد اختفي صوت التأوه والأنين المخيف ، لقد اختفت الديدان ، عيناي لا تؤلمني يااااالله

ثم نظر لزائر القبر باكيا وقال : ألا تشم رائحة كريهه ؟

رد الزائز : أي رائحة ؟ لا توجد روائح كريهه هنا فالأشجار تظلل المكان والقبور هنا لم تفتح منذ فترة طويلة

رفع عزيز عينيه المغرورقتين للسماء مرددا :

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ، اللهم لك الحمد والشكر ، نهض ببطء شاكرا زائر القبر ثم نظر للقبور قائلا :

سلام عليكم أهل دار الحق ، سلام عليكم من دار الباطل

أنتم السابقون ونحن اللاحقون ، اللهم ارحمنا وارحمهم

 

عاد عزيز إلي بيته آملا أجد يجدهم إخوته غلبوا شقوتهم ليخبرهم بنجاته من لعنة المعصية ويؤكد لهم صدق نصيحة الشيخ وأنهم لابد أن يخوضوا تلك الرحلة المنجية وحين وقف أمام البيت استقبلته ذكرياته الأليمة وشعر بوخز السنوات الأليمة وهو يدق الباب وظل يدق ويدق وما من مجيب

حتي أطلت عليه السيدة ونيسة من نافذتها العجوز تقول : من بالباب ؟ من جاء يدق باب الماضي الأليم ؟

رد عزيز : أنا عزيز بن السيد عسران ياخالة ونيسة أين والدي واخوتي هل غادوا البيت ؟

ردت الخالة ونيسة بحزن :

لقد استيقظنا ذات يوم ياولدي علي رائحة عفونة كريهة انتشرت في المنطقة وعندما تتبعنا مصدر الرائحة وجدناه ينبعث من البيت

مشهد الجثث الخمسة لوالدك وإخوتك وقد انتفخ بعضها وتحلل بعضها مازال يطاردني كل يوم في أحلامي فقد كان مرعبا للجميع ولم يجرؤ أحد علي الاقتراب منهم فقمنا بإبلاغ الشرطة التي قامت باتخاذ اللازم واتمام إجراءات الدفن وتم إغلاق البيت بأمر الشرطة لحين ظهور أحد الورثة

والحمد لله ياولدي أنك عدت سالما ونجوت بنفسك

يمكنك أن تذهب لقسم الشرطة وتطلب فتح البيت فأنت الوريث الشرعي

رد عزيز باكيا قائلا : لقد نلت نصيبي ياخالة ونالوا نصيبهم

تمت

وريث شرعى
Comments (0)
Add Comment