محمود برغش
ها قد مضى من رمضان الثلث، لكنه ينقلنا من الرحمة إلى المغفرة وننتقل من المغفرة إلى العتق من النار إن شاء الله، فإن أوله رحمة وأوسطه مغفرة وأخره عتق من النار، فاللهم أرحمنا برحمتك يا رحمن، وأغفر لنا بغفرانك يا غفور، واكتبنا من عتقاء النار في هذا الشهر وتلك السنة يا رحيم، في هذا الشهر حدثت الانتصارات للمسلمين، وفي العاشر من رمضان نَصَرَ الله سبحانه وتعالى المؤمنين على أعدائهم، فأصبح يومًا من أيام الله، قال تعالى: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ} ، العاشر من رمضان له عند المسلمين مذاق خاص، في هذا اليوم العاشر من رمضان تحرَّكت قوات المسلمين من المدينة إلى مكة، فوصلت مكة في عشرين منه.
في العاشر من رمضان بدأ الفتح الذي كان نقطة فارقة أيضًا في تاريخ المسلمين وفي تاريخ البشرية، وفي العشرين من رمضان فتح الله مكة للمسلمين، فالعاشر من رمضان هو بداية الخير، وفيه تُفَتَّح أبواب السماء.
العاشر من رمضان تَمَّم الاحتفال به بنصر عظيم من جنود مصر الأشاوس الذين أعزُّوا كل مصري ورفعوا رأسه، وجعلونا نسير في العالمين ونحن في كرامة وفي عزة وفي فخر، فالحمد لله الذي مَكَّننا في الأرض، ومكننا من صد العدوان ومن رفع الطغيان.
وانتصار العاشر من رمضان لا ينكره إلا مخذول يريد أن يؤيد العدو ويذهب بفرح المؤمنين بنصر الله لهم، فالعاشر من رمضان انتصار لا شك فيه وانكسار للعدو لا ريب فيه، فلم يغادر العدو أي أرض محتلة إلا بعد كسر أنفه وتيقنه بأنه يواجه رجال لن يسمحوا له بالبقاء، فهو لا يعرف إلا لغة القوة ، فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، ولذلك فإن المشكك والمتشكك في انتصار العاشر من رمضان يتلى عليه قوله تعالى :(لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ، ومقتضيات النصر هي قول الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) ، وقوله تعالى: (إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِى يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ) .
والسر في تحقق هذه الانتصارات في شهر رمضان أن شهر رمضان شهر
محمود سعيد برغش