عجائب قصر الحمراء الأسطوري

 

 

كتبت نجده محمد رضا

نظرة إلى دواخل قصر الحمراء الأسطوري، حيث امتد حُكم آخر مملكة إسلامية في إسبانيا زُهاء 300 سنة.

 

لدى “خيسوس بيرموديث” روابط عميقة مع قصر الحمراء. فقد ولد في هذا الحصن المشيَّد على تل مهيب في غرناطة بإسبانيا، ونشأ داخل أسواره. وعندما أصبح والده مديرًا لمتحف قصر الحمراء في منتصف القرن الماضي، انتقلت العائلة إلى منزل داخل هذا المَعلم التاريخي. لقد كان القصرُ بمنزلة “المسرح”، كما يسميه، حيث أدى أحداث حياته من خلال تنشئة جعلته يغوص في أساطيره وتاريخه منذ سن مبكرة، وألهمَته شغفًا به لا ينقطع. يَعمل بيرموديث منذ نحو أربعة عقود عالمَ آثار ومحافظًا لدى قصر الحمراء، الذي يُوصف بأنه تتويج لحكم المسلمين الذي دام زُهاء 800 سنة في شبه الجزيرة الأيبيرية. يتنقل بيرموديث عبر جَنبات هذا المجمَّع بسهولة المتنقِّلِ في بيته، إلا أنه لا يزال يُبدي إحساسًا بالدهشة كما لو كان يَلمحه أول مرة. يتوقف من حين إلى آخر لتحية مجموعات الطلاب الزائرين والحراس والمرشدين والبستانيين. ويُظهر الفخر نفسَه الذي أخالُ أنه كان لدى السلاطين حين كانوا يَجولون بالزوار في قصرهم هذا. بيرموديث هو المرشد المثالي لقيادة جولة في كواليس القصر (وقد كتب أيضًا دليلَه الرسمي). وقد بدأنا جولتنا من “باب الشريعة”، أكبر مداخل قصر الحمراء الأربعة، ليس فقط عبر أفنيته وأبراجه الشهيرة، بل أيضًا تلك المواقع المتوارية التي لا يُسمح إلا لقليل من الناس برؤيتها، وحيث تختلط الحقيقة بالأسطورة. ومع استمرار الباحثين في التغلغل في أعماق قصر الحمراء، فإنه يظل موقعًا لعلماء الآثار وللترميم، ومن ذلك إحياء أحد أكثر أعماله الفنية غموضًا، والذي تم في الآونة الأخيرة بعد زُهاء 20 عامًا من الأشغال. يقول: “قصر الحمراء هو في المقام الأول مدينة بلاطية. فقد كان مقرًا لحاكم البلد، وبه ثكنات عسكرية، ومدينة للحاشية، ومجموعة قصور بُنيت على مرّ قرنين ونصف القرن”. وتَطور هذا المَعلم على مرّ ذلك الزمن من القصبة البدائية، أو الحصن، التي بناها السلطان “محمد الأول” ابتداءً من عام 1238، إلى قصور لاحقة تبرز النمط الفخم للدولة النصرية. وقد حكمت سلسلة من سلاطين بني نصر غرناطة حتى عام 1492، حين أطاح النظام الملكي الإسباني الموحد حديثًا آنذاك بهذا المعقل الأخير للسلطة الإسلامية في شبه الجزيرة؛ بعد زواج “إيزابيلا”، ملكة قشتالة، و”فرديناند”، ملك أرجون (أراغون). يوضح بيرموديث أنه خلال الـ254 سنة، حكم بنو نصر إمارة غرناطة، والتي امتدت إلى ما هو أبعد من المدينة نفسها، كان هذا الجزء من أندلس الوقت الحالي “متوقفًا في الزمن، بحفاظه على مجتمع إقطاعي منعزل في واحة شاعرية”. ومع ذلك، تركت المملكة تركةً في مَعلم يُعدّ قمة في الجمال والرقي المعماري في الأندلس، وهو الاسم الذي تُعرف به المنطقة الأكبر التي حكمها المسلمون. ولا يمكـن للتـاريخ أن ينـساها أبدا. لدى سقوط غرناطة، أمسكَ بزمام أمور الحصن سلسلةٌ من الحكام الكاثوليك حتى بداية القرن التاسع عشر، حين احتلته قوات نابليون؛ والتي عاثت فيه تخريبًا عند رحيلها. وفي نهاية المطاف، تنازل التاج الإسباني عنه لمصلحة الدولة

عجائب قصر الحمراء الأسطوري
Comments (0)
Add Comment