بقلم /حسن محمود الشريف
إن من الشهورِ الَّتِى لها فضلٌ كبيرٌ فى الإسلامِ شهرَ شعبانِ وهو من المواسم التى تعد نفحة من نفحات الله وينبغي على المسلم ألا يضيعها، وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم مع هذا الشهر أحوال
وهذه جملة من الأحاديث والآثار تدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعظم شهر شعبان ويكثر من الصيام فيه، فقيل قد كان يصومه كلَّه أو كان يصومه إلا قليلاً، وهذا الأخير هو الذي رجحه جمع من العلماء؛
و ذَلِك يَظهر من خلالِ أحاديثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و سَلَّمَ .
فيما روى عَن أُمِّ المؤمنين السيدة عائشة رَضيَ اللهُ عَنها، قالت : كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و سَلَّمَ ” يَصوم حتى نقول : لا يفطر ، و يفطر حتى نقول : لا يصوم، فما رأيتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و سَلَّمَ استكمل صِيامُ شهرًا إلا رمضانَ ، و ما رأيته أكثر صياماً منه في شعبانِ ” (رواه البخاري ومسلم).
فإن شهرًا حَرِص فيه رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و سَلَّمَ عَلَى صِيامهِ أو صِيامِ أكثرَ أيامهِ فإنه دليلٌ عَلَى فَضلِ هذا الشهرِ الكريمِ .
و عَن أُمِّ المؤمنين عائشة رَضيَ اللهُ عَنها قالت : ” كان أحبُ الشهورَ إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و سَلَّمَ أن يَصومه شعبانَ ثُمَّ يَصلهَ برمضانِ ” (رواه أبو داود وصححه الألباني).
و عَن أُمِّ المؤمنين أُمِّ سلمة رَضيَ اللهُ عَنها قالت: «
ما رأيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و سَلَّمَ يصوم شهرين متتابعين إلا شعبانَ و رمضانَ » (رواه الترمذي وصححه الألباني).
و عَن أسامة بن زيد رَضيَ اللهَ عَنه قال : قلت: يا رسولَ اللهِ ، لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: «ذَلِكَ شهرٌ يغفلُ الَّناسُ عَنهِ بين رجبِ و رمضانِ ، و هو شهرٌ تُرفَعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين، فأُحِبُ أن يُرفَعُ عملي وأنا صائم» (رواه النسائي وحسنه الألباني).
وعَن أبي موسى الأشعري رَضيَ اللهُ عَنه عَن رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و سَلَّمَ قال: «إن اللهَ ليَطلِعُ في ليلةِ النِصْفِ من شعبانِ فَيغفِرُ لجميعِ خلقهِ إلا لمُشرِكٍ أو مُشاحِنٍ »( رواه ابن ماجه بسندٍ ضعيف و لَكِن له شواهد كثيرة ولذا حسنه الألباني بمجموع طرقه وضعفه ابن الجوزي وغيره)
، وقد روى مسلم في صحيحه عَن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و سَلَّمَ قال له: « أصمت من سررِ شعبانِ ؟» قال: لا، وقد قيل في شرحه: إنَّ السررَ نصف الشهرِ ، فصيامِ يومَ النصفِ من شعبان يُسَّنَ عَلَى أنَّه من الأيامِ البيضِ الثلاثةِ ،
و هي : الثالث عشر ، و الرابع عشر، و الخامس عشر الَّتِي يُستِحبَ صِيامها في كلِ شهرٍ ، ويتأكد صيامها في شهر شعبان . قال ابن رجب رَحِمَهُ اللهُ في لطَائفِ المعارفِ : “ليلةُ النِصفِ من شعبانِ كان التَابِعون من أهلِ الشامِ يُعظِمونها و يَجتَهِدون فيها في العبادةِ “، و قال شَيخُ الإسلامِ ابن تيمية رَحِمهُ اللهُ : ” ليلةُ النِصفِ من شعبانِ ففيها فضل ، و كان في السلفِ من يُصلِي فيها ، لكن الاجتماعَ فيها لإحيائها في المساجدِ بدعةٌ “.
و عَن أبي هريرة رَضيَ اللهُ عَنهِ أن رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و سَلَّمَ قال: « إذا انتصف شعبان ، فلا تصوموا » (رواه أبو داود واختلف في صحته)
، و اختلف الفُقهاءُ في حُكمِ الصيامِ بعد نِصفِ شعبان ، و الجمهور أن الصيامَ لا يُكره بعد نِصفِ شعبان بدليلِ حديثِ أبي هريرة رَضيَ اللهُ عَنهِ قال : قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و سَلَّمَ لا يَتَقَدَّمَن أَحدُكم رمضان بصوم يومًا أو يومين ، إلا أن يكون رجلٌ كان يَصوم صَومَهِ ، فليُصِم ذَلِكَ اليومُ . (رواه البخاري ومسلم).
و عَن عمَّار بن ياسر رَضيَ اللهٌ عَنهِ قال : “من صام يومًا الَّذِي يُشكُ فيه ، فقد عصى أبا القاسم محمدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْه و سَلَّمَ ” ( رواه أصحابُ السننِ أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجه و صَححه الألباني ).
و شهر شعبان من الشهورِ المحببةِ لدى عمومِ المسلمين ، فهو يُعَدُ خِتَامُ السنةِ المُحاسبيةِ ، وتُرفَع فيه الأعمالُ إلي اللهِ عَزَّ و جَلَّ ، حَيثُ أخرجُ النسائي في سننهِ عَن أسامة بن زيد ، قال : قلت : يا رسولَ اللهِ ، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبانِ ، قال: «ذَلِكَ شهرٌ يَغفلُ الناسُ عَنهِ بين رجبِ و رمضانِ ، و هو شهرٌ تُرفَع فيه الأعمالُ إلى ربِ العالمين، فأُحِبَ أن يُرفَع عملي و أنا صائمًا
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و سَلَّمَ : «إِنَّ اللَه تَعَالَى لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ
رواه ابن ماجه وحسّنه الألباني
قال العلماء : و رَفعُ الأعمالِ عَلَى ثلاثِ درجاتٍ..
الدرجةُ الأولى : رَفعُ يومي و يكون ذَلِكَ في صلاةِ الصُبْحِ و صلاةِ العَصرِ وذَلِكَ لِمَا رواه البخاري و مسلم عَن أبي هريرة ، أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و سَلَّمَ قال : « يتعاقبون فيكم ملائكةٌ بالليلِ و ملائكةٌ بالنهارِ ، و يجتمعون في صلاةِ الفَجرِ و صلاةِ العَصرِ ، ثُمَّ يَعرُجِ الَّذِين باتوا فيكم ، فيسألهم و هو أعلمُ بِهم : كيف تَركتُم عِبَادي؟ فيقولون : تركناهم و هم يُصلون ، و أتيناهم و هم يُصلون »”.
الدرجةُ الثانية : رَفعُ أسبوعي و يكون في يومِ الخميس و ذَلِكَ لِمَا رواه الإمامُ أحمد في مسندِه بسندِ حسن، عَن أبي هريرة ، قال : سمعت رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و سَلَّمَ قال: « إن أعمالَ بني آدم تُعرَض كل خميس ليلةِ الجمعةِ ، فلا يُقبَل عملُ قاطعِ رَحِمَ “.
الدرجةُ الثالِثة : رَفعُ سنوي و يكون ذَلِكَ في شهرِ شعبانِ وذَلِكَ لِمَا رواه النسائي عَن أسامة بن زيد ، قال : قلت : يا رسولَ اللهِ ، لم أرك تَصوم شهرًا من الشهورِ ما تَصوم من شعبانِ ، قال : « ذَلِكَ شهرٌ يَغفلُ الناسُ عَنه بين رجبِ و رِمضانِ ، و هو شهرٌ تُرفَع فيه الأعمالُ إلى ربِ العالمين، فأُحِبَ أن يُرفَع عملي و أنا صائمًا » “. نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يبلغنا رمضان وان يكتبنا فيه من ألمقبولين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.