بقلم السيد عيد
بعضنا يذرف دموعا سخية عند مشاهدة فيلم مؤثر، والبعض الآخر عند قراءة قصة حزينة في كتاب ، والبعض الآخر يبكي عند سماع أخبار مؤلمة، حتى لو كانت تتعلق بالغرباء. وفي حين أن هناك أفراداً يفضلون البكاء خلف الأبواب المغلقة، أي في الخفاء، يشعر آخرون بالحاجة إلى البكاء. أمام الآخرين، من أجل الحصول على الدعم العاطفي.
روح الروح
فجأة وأن أدير محطات التلفاز يتبادر الي عقلي آلاف الأسئلة التي لا أملكُ أية إجاباتٍ منطقية لها. الذهول سيّد الموقف، وإذ بمقطع فيديو لجد الطفلة ريم، أبو ضياء، وهو يودع حفيدته ريم “روح الروح”، التي استشهدت عندما قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلهم في قطاع غزة، مقطع أبكي الحجر تأثرًا بتوديع الجد لحفيدته وهو يحتضنها ويلعب معها، وكأنه يريد أن يوقظها من غفوتها.
حوار صامت يشهد علي انفصال الروح عن الجسد،
دموع سخية انهمرت على وجهي، مشاعر مكبوتة انفجرت أمام براءة الطفولة التي اغتالها العدو الصهيوني المجرم.
لكل شخص قصته مع الدموع، ولكن ماذا يعني أن يعجز المرء عن البكاء وأن تبقى دموعه محبوسة ومشاعره مكبوتة، حتى في أكثر المواقف حزناً؟
اخترنا البقاء في الأماكنِ الآمنة، التقوقع داخل أسرّتنا واستراق العالم النظر من طرف الغطاء الذي كمم وجهه فيه، ما الذي أفقدنا الرغبة للشعور بالإنسانية؟!
هل نملك من القوة لنقف أمام الظلم والطغيان ؟ هل اللينُ الذي نملكُ والحبّ الذي نستطيعُ إهدائه للعالم إذا ما سمح لنا، يجعل العالم يقف ويتأسف لكلّ الأطفال على ما قاسوهُ ومنحهم عناقًا دافئًا يلملم بقاياهم؟ هل مشاهد القتل تبدو كافية أمام العالم ليشعر بالإنسانية وليُفسح للأطفال المجال للعيش بسلام.
هل لنا أن نغير لحاف كوابيسنا بغطاء أكثر بياضا من العدم، وندرك أننا جثة تتدحرج على تلال الحياة وتصطدم بالحواجز والأضداد.. نحن أموات… ومشتاقون للحياة… موتي بلا موت… تعبنا من حياة بلا حياة.