الكبت تأثيره ودلالاته والوقاية منه

كتبت _ سالي جابر

مختص نفسي

في بعض الأحيان يعتقد الشخص أنه يسير على الطريق القويم تجاه نفسه وسلوكياته؛ فيرى أن المشكلة التي تعرض لها وأثارت ضجة في نفسه لم تؤثر عليه بدليل أنه يضحك، يأكل، يشرب، ويعمل. ولا تظهر عليه أي مشكلة نفسية، لكنه يهذى، يضحك على ذاته ويسيء إليها؛ فمن أشكال الإساءة إلى الذات الصمت عما يؤذيك.

لو تخيلنا معًا الموقف الذي مر به أحد الأشخاص، موظف يذهب إلى عمله ويضحك مع زملاء عمله بينما يقوم فردًا منهم قال له شيئًا ضايقه، لكنك ضحك معهم ثم ذهب إلى منزله ومارس حياته بشكل طبيعي، وذهب للعمل في اليوم التالي قابل صديقه مبتسمًا وتحدث إليه وكأن شيئًا لم يكن.

هل أخذ ما يضايقنا ببساطة أمرًا عاديًا؟

ما حدث لذلك الرجل ما يدعي في علم النفس Repression 

( كبت) وهو أحد وسائل الدفاع النفسية Defence Mechanisms التي تحافظ على توازن الجهاز النفسي لدى الإنسان.

والكبت هو الحجب اللاواعي للمشاعر والدوافع والذكريات والأفكار غير السارة من عقله الواعي بغرض تقليل مشاعر الذنب والقلق، وربما يكون فعالًا في البداية لكنه كما يرى” سيجموندو فرويد” يؤدي إلى ضائقة نفسية .

   في القمع أو الكبت يقوم الشخص بإزاحة الذكريات والمشاعر التي تضايقه إلى اللاوعي لدرجة أنه لا يدري بما قام بكبته، ولا يعلم أنه قام بعملية الكبت من الأساس.

     

كيف أعلم إن قمت بعملية كبت أم لا؟

للكبت بعض العلامات وتشمل علامات جسدية وسلوكية.

العلامات الجسدية:

• ضغط دم

• أمراض جلدية.

• بدانة 

• صداع

• دوخة

• آلام الظهر والرقبة والصدر والبطن 

أما العلامات السلوكية التي تشير إلى الكبت:

• يجد الشخص صعوبة في التحدث عن أفكاره ومشاعره حتى أنه يصبح دفاعي عند السؤال عن تلك المشاعر.

• يتخذ الشخص بعض الإجراءات اللاواعية مثل الانغماس في وسائل التواصل الاجتماعي لتجنب المشاعر الصعبة .

  تأثير الكبت: 

• النسيان الانتقائي Selective forgetting هو أحد الطرق التي يمنع بها الشخص الوعي بالأفكار أو الذكريات أو المشاعر الغير مرغوب فيها وذلك من خلال النسيان الناتج عن الاسترجاع Retrievel induce forgetting في محاولة لاسترجاع بعض الذكريات يؤدي إلى نسيان ذكريات أخرى، قد ينسى الإنسان ذكريات مؤلمة وهو يحاول استرجاع ذكريات أكثر إيجابية بشكل متكرر 

 كيف تظهر الأفعال المكبوتة؟

• قال فرويد في كتابه (تفسير الأحلام):” يمكننا معرفة المحتوى الكامل للحلم أو المعاني الرمزية اللاواعية من خلال تحليل الأحداث الفرعية للحلم” . أي أنه يرى أن الحلم تنفيس لتلك الرغبات المكبوتة .

• القمع وزلات اللسان Repression and slips of the tongue:

 يرى فرويد أن زلات اللسان الخاطئة كاشفة للغاية لما تفكر فيه أو تشعر به حقًا تجاه شيء على مستوى اللاوعي

دائمًا عندما يخطيء أحد القول نقول أنها (زلة لسان) ولا نبالي بها، لكن لفرويد رأي آخر. فهو يرى أن الكلمة السيئة أو السُبة التي تقولها لزميلك في العمل بغير قصد تنم عن عدم حبك له في الواقع، الرجل الذي ينادي زوجته باسم امرأة أخرى دليل على تفكيره بتلك المرأة.

• القمع والرهاب Repression and phobia

الخوف الغير منطقي والغير مبرر من شيء هو أفكار ورغبات مكبوتة. فمثلًا طفل يخاف الظلام ويرتعد وتزداد نبضات قلبه عندما يدخل مكانًا مظلمًا، دل ذلك على أنه مر بخبرة سلبية سابقة مع الظلام، طفل يخاف الماء أو الاستحمام تحت الدش ربما كانت معه تجربة سلبية مع حمام السباحة

وأشهر مثال لذلك حالة( أنَّا) كانت تخاف شرب الماء وبعد فترة من التحليل النفسي اكتشف فرويد أنها رأت كلبًا يشرب ىطريقة مقززة فرفضت الشرب بصورة غير واعية.

الشخص يكبت الذكريات المؤلمة إلى أن ينساها تمامًا لكنها تترك أثرًا سلبيًا على سلوكياته.

• القمع والذاكرة Repression and Memory: 

 في كتاب فرويد ” محاضرات تمهيدية في التحليل النفسي” وجد أن مشاهد الطفولة ليست صحيحة دائمًا، بل إنها ليست صحيحة في الكثير من الحالات، وبعض الحالات الأخرى تكون العكس المباشر للحقيقة.

  هل استخدام الكبت دائمًا نافعًا أم ضارًا؟

نافع لوقت بسيط بصورة مؤقتة للحفاظ على توازن الجهاز النفسي، ولحماية الشخص من التوتر والكذب، لكن لابد من متابعة الشخص سلوكياته حتى لا يخوض معركة أليمة سببها الكبت، فقد قال فرويد:” الذكريات المكبوتة لا تموت أبدًا إنها مدفونة ولكن على قيد الحياة ! وستظهر لاحقًا لطرق بشعة”

وقال:” لا يؤذي الإنسان أكثر من كبت المشاعر السلبية طويلًا”

هل استرجاع الذكريات المكبوتة يساعد على العلاج؟

بالفعل من خلال استرجاع الذكريات المكبوتة يمكن التعرف على سبب المشكلة وبالتالي محاولة علاجها، واليوم ظهر العديد من العلاجات النفسية التي تساعد على ذلك.

 

الحيل الدفاعية

رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية

الكبت ... تأثيره ودلالاته والوقاية منه
Comments (0)
Add Comment