شعر/سلوى السّوسي من تونس
متابعة عبدالله القطاري من تونس
كانت أمّي
ماهرة في صنع الأمل…
وبارعة في رسم البسمة على شفاه
الحزانى…
كانت أمّي في البيت
تتقن نسج الفرح في كل الأركان…
وكانت تجيد رسم الأمنيات…
على الجدران…
كانت أمّي عصيّة على الزمن…
شديدة عند المحن…
كانت تمتص غضبي…
وتذيب حزني…
وتجفف في عيوني منابع الدمع…
وتنتزع من قلبي كل الوجع…
كانت امي
بين النّساء أمرأة نادرة…
بصدقها…بحسّها… بروحها…
كانت ساحرة…
إذا مرّت بأرض صارت مزهرة…
والسّماء مستبشرة…
لكن الحياة كانت غادرة…
لم يكن موعد الرّحيل لحظة
عابرة…
فكأن الدّنيا انتهت
وحلّت مكانها الآخرة…
اهتتزّت الأرض وصارت الشّمس
فاترة…
وجنّت الطبيعة وصارت
ثائرة…
أمي…
كيف و انا أنت لا نكون في نفس
الفضاء…
كيف أكون في الأرض وتكونين
في السماء…
كيف لا نتنفّس نفس الهواء…
ألم تخبرك روحي عن اشتياقي
إلى العناق…
الم تعلمي أنه بعد الفراق
قد اختفى النور…
وامتزج الصبح بالمساء…
مذ رحلت…
بدأ العالم من حولي بالاختزال…
وبدأ جمال الصور بالزوال…
مذ رحلت…
صار امتداد الكون أصغر…
حتى تقويم الزّمان تغير…
تاريخ الحياة…
وتاريخ الوفاة…
وتاريخ لا شىء فيه يذكر
غير سجل الذُكريات…
سلوى السّوسي/تونس.