سواح في أرض الله

 

  سامح بسيوني

 

صافرة الكمسري وصوت المذياع الداخلي تعلن إقلاع الرحلة المتجهة إلى ما لا نهاية، بدأ القطار يتحرك ببطء شديد، ثم شرع في السرعان، فأخذت نفسًا عميقًا، وجريت بأقصى سرعتي وأمسكت بباب القطار وأصبحت بداخله، وظللت أبحث عن تذكرتي فلم أجدها في جيبي فلم أكترث بهذا الأمر وشرعت أبحث عنها، لا عن تذكرني ، وإنما أبحث عن حب ضائع وأخر يائس بين الحب والأمل.

 

وظللت أسير من عربة إلى عربة أخرى؛ لعلي اجد ضالتي، والقطار يتوقف من محطة تلو الأخرى، وخط النهاية لا ينتهي وأشواق الحنين يأخذني إلى حب أسير الصمت والجرح ، فألملم جرحي القديم بأنين من صدري.

 

وأنظر من نافذتي؛ مدققًا بين الأشجار لعلي أجد غايتي، وضباب يكسو على الكون فاختفى معه الأمل، وغروب يأخذ معه العمر بين اليأس والأمل، وليل يدخل بعده وشفق السماء عاد إلى الأفق، وعسعسة الليل البهيم تأخذ من فكري فلم أستطع أن أرى الحب.

 

ووصل القطار إلى نهاية محطته ولكن لم أصل أنا إلى الحب، فنزلت أجر ثوبي من الخجل وأسير في ظلمة الليل؛ أبحث عن عمري ووقفت أمام الشاطيء، أتأمل في الكون،

وأمواج البحر ترسل صرخات إلى الخلق ، وشبكة صياد تنتظر الرزق وٱخر واقف لعله يجد الحلم.

وصوت البلبل يسبح لله في الكون ، وحفيف الأشجار أنغام للقمر، وظللت أسير في أرض الله من بلد إلى أخرى فلم أجد ضالتي، ونار على الجبل فصعدت؛ لعلي أجد على النار مرادي وحريتي، وسراب من بعيد يحسبه الظمٱن ماءً، فشرعت بالمشي اليه فكلما أحسست بالقرب منه كان البعد مغرمًا، فأجهدت فلم أصل إلى ضالتي ، ولم يوقظني من غفلتي إلا صوت جدي يخبرني بأن الفجر قد حان في الوقت .

سواح في أرض الله
Comments (0)
Add Comment