بقلم شيماء شكري
كانت تجلس في شُرفة غرفتها تستعيد ذكرياتها، حتي أنها تتذكر يوم مجيئُها للدنيا كانت تعي وتشعُر بيد الداية حين سحبتُها للحياة،
لطالما سردت لها أمها ما حدث في تلك الليلة، أيقنت حين علمت تفاصيل ذلك اليوم أنها متشبثة بالحياه تُعاند الموت،
ففي يوم خريفي معتدل الحرارة أطلقت أمها صرخات المخاض وأتت الداية والتفت حولها الحاضرات من نسوة البيت،
وبعد ولادة متعسره طلت برأسها للحياة دون صراخ حتى أكملت الدايه سحبها فخرجت للدنيا بسرد مفتوحه على مصرعيها يتدفق منها الدماء بشكل مُفزع لا ينم سوي على موت المولودة،
وعلى غرار العادات القديمة أتو بتُراب الفرن لسد فوهة سُرتُها،
لتعود لها أنفاسها هي والأم التي لولا تُراب الفرن لأصبحت الأم المكلومه،
ولُفت بوشاح أبيض مزركش لتعلن أستقبال الحياة
وما إن تمت عامها الأول حتى أُصيبت بالتهاب رئوي حاد أدى إلي انقطاع أنفاسها عن الحياة،
وفجأة خلعت الجدة الطرحة السوداء المعتادة على رأسها لتُغطي وجه الطفله وصدرها،
وفي لحظة خاطفة دوى صرخة الأم في الأركان أفاق صدر الطفلة و أرجع أنفاسها للحياة وكأنها تُعاند الموت للمرة الثانية،
فمع لحظة صرخة الأم شهقة الطفلة تُعلن عودة أنفاسها،
ويمضي العمر وتتأكد إن الموت لم يواجهها مرتين فقط ولكنه ظل يُرافقها وكأنه الوجه الأخر لحياتُها، يُعاندوها وتُصارعه
حتى أنها في أكلح أيامها حين تُقرر الاستسلام لأحضانه يتراجع هو ويتُركها وكأنه لا يُريد سوي مشاكستها،
وكأنه أحب تلك اللعبه معها،
حتى صاروا أصدقاء يعرف هو متى يتراجع وتطمئن هي بوجوده حولها،
حتى ذلك اليوم الذي قرر احتضانها وكأنهما حبيبان التقيا بعد فُراق واشتياق
أخذت نفسًا عميقًا تلقاه هو كقُبلة حبيب ولاذو بالفرار معًا داخل قماشة بيضاء تحتويهم معًا
و يُعلن وقتها إنه كان أقوى منها فتستسلم وتغوص بأحضانه مطمئنه،
ليقضوا أيامهم في عالم كله هدوء، لا حراك فيه ولا عراك.