(قالت الأعرابُ آمنا قُل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يَدخُل الإيمان في قلوبكم)

محمود سعيد برغش

هناك فرق بين الإسلام والإيمان.. حتى الإيمان ذاته درجات ومقامات.. فقد أخبرنا الحبيب ﷺ أن الإيمان يزيد وينقص.. وفي القرآن آيات كثيرة تتحدث عن زيادة الإيمان.

لذلك حين قال أحد الأطباء أن المؤمن لا تُصيبه أمراض الاكتئاب، قام عليه مجتمع علم النفس وبعض مرضى الاكتئاب الذين يُقيمون شعائر الإسلام مستنكرين قوله.. ذلك لأنهم جمعوا الإسلام والإيمان ودرجات الإيمان في جعبة واحدة.. والحقيقة أن التفاوت بينهم كبير.

الاطمئنان هو أعلى درجات الإيمان.. وهو الذي سأله خليل الرحمن إبراهيم -عليه السلام- حين قال ربي أرني كيف تُحي الموتى.. قيل له أو لم تؤمن؟ قال بلى ولكن ليطمئن قلبي.. إذن هو مؤمن لكنه طلب أعلى درجات الإيمان (الاطمئنان).. وبعد أن أدرك ذلك المقام -مقام الاطمئنان- أصبح معصوماً من الجزع (أو ما نُسميه الآن اكتئاب).. فأُلقي في النار ولم يهتز.. وأمِر بذبح ابنه ولم يجزع.. وترك أهله في صحراء خالية دون أن يفزع.. لأنه مطمئنٌ بالله.

كذلك كليم الله موسى -عليه السلام- الذي أباح بخوفه في مشاهد كثيرة.. لكنه حين أدرك مقام الاطمئنان بالله.. أصبح معصوماً من الخوف والجزع وهو في أشد المشاهد حين وجد البحر أمامه وفرعون وجيشه خلفه.. وقتها جزع الجميع إلا هو عليه السلام فقال: كلّا إن معي ربي سيهدين.

فالمؤمن الذي أدرك مقام الاطمئنان في الإيمان لا يُصيبه العجز والجزع.. ومن ذاق عرف.. بأن ذلك المقام لا يُدرك بطول قيام ولا كثرة صيام.. إنما هو حالة قلبية خالصة.. لذلك قيل للأعراب قولوا أسلمنا ولمّا يَدخُل الإيمان في قلوبكم.

(قالت الأعرابُ آمنا قُل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يَدخُل الإيمان في قلوبكم)
Comments (0)
Add Comment