ادخلوها آمنين

 

 

د. فرج العادلي

 

لم أفهم هذا المعنى أو أستشعره على وجهه الصحيح إلا بالأمس ساعة فتح معبر رفح البري، الذي كان مغلقًا في وجه قادة جميع الدول الغربية، الذين تحالفوا جميعا على غلقه بل على غلق الحياة في وجه أهل قطاع غزة النازفة الأبية، فما كان من مصر -حفظها الله- إلا أن أغلقت معبرها في وجوههم جميعًا بعزيمة لا تلين إن لان الحديد …

 

أعود فأقول: كان بين الموت والحياة بوابة حديدية…. بوابة معبر رفح البري المصري ، فكان الناس من كل لونٍ وجنسٍ يترقبون الموت في كل لحظة، ناهيك عن الجوع والعراء، وندرة الماء.. وبمجرد أن عبرت أول قدم من أقدامهم بوابة المعبر، تغير حالهم من بؤسٍ إلى نعيم، من حزن إلى سعادة، تغيرت ملامحهم العابسة لأيام طويلة- حتى صارت التجاعيد جزءا من ملامحهم-على أرصفة القصف والنيران، تغيرت ملامح الهلع إلى ملامح الفرح…

 

لما عبروا معبر رفح عبر معهم الأمن والأمان والسلام… لما عبروا تركوا خلفهم البؤس والموت الزؤام.. لما عبروا عبرت معهم الأمنيات والأحلام… وإن شئت قل عادت لهم

ساعتها ذقتُ معنى أن تكون آمنًا في سربك، معافًا في بدنك، عندك قوتُ يومك.. ذقت معنى أن تكون أصلا مقيما داخل معبر رفح من الجانب المصري

 

وعندك وطنك، وجيشك، وحدودك المحمية بحمى الله تعالى، وحمى خير أجناد البرية.

 

ومن هذه اللحظات ينبغي علينا الوحدة، والعمل دائما على رفعة هذا الوطن، والحفاظ عليه، والتضحية من أجله بالغالي والنفيس، وأن نكون فطنين لما يحاك بنا…

 

هذه الأيام ذكرتني بشيء حدث منذ خمسة وعشرين عامًا تقريبًا حيث ظهر رجل في رسم كاريكاتيري يشرب سيجارًا كبيرا مكتوبا عليه أسماء أغلب الدول العربية -سيما المحيطة بالكيان الصهيوني الغاصب- مثل العراق، وسوريا، ولبنان، وليبيا، واليمن.. ثم كان في آخره مكتوبا وما خفي كان أعظم، ولم يكتب اسم آخر دولة، وكان السيجار مشتعلًا أوله في العراق تقريبًا، وبالفعل تحققت النبوءة، وأن شئت قل المخطط الصهيوني الخبيث، وأُحرقت جميع الدول، ولم يبقى إلا ما خُفي، وما خفي أعظم حقًا، أعظم وأكبر وأقوى من أن يفكر شخصٌ ما في الاقتراب منه لا أقول الاعتداء عليه، لأنه آمن بالله تعالى ثم بجيشه وشعبه.

 

فعلينا أن ننتبه جيدًا وأن نتوحد، ونتماسك، ونضحي، وننبذ الخلاف، وكثرة الجدل العقيم، وحب التشكيك، وأن نترك كل شخصٍ يقوم بدوره دون تداخل أدوار فمن يكون في مصنعه عليه ألا يتجاوز ذلك، وكذلك من في متجره، ومزرعته، وحقله، ومدرسته…

 

ختامًا الله تعالى أسأل أن يحفظ البلاد والعباد، وأن يجعل فيما يدبره لنا عدونا تدميره وزواله آمين.

ادخلوها آمنين
Comments (0)
Add Comment