كتبه: نادرة سمير قرني
تابع جميع دول العالم ما حدث في ليبيا جراء العاصفة المدمرة دانيال والتي ضربت ليبيا؛ حتى أنها أدت إلى مقتل أكثر من ألفي قتيل، وهو ما أدى إلى تدمير المنازل والطرق، حتى أن السلطات الليبية فرضت حظر التجوال، وأعلنت حالة الطوارئ وأغلقت المدارس والمؤسسات العامة، كما أغلقت أربع محطات نفط رئيسية مؤقتا، وقد أدى هطول الأمطار إلى فيضانات واسعة النطاق وانهيارات طينية خطيرة، كما أحدثت العاصفة أيضا دمارًا في البنية التحتية لبعض المناطق، ما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي وجرف الطرق والجسور، كما تعرضت المدارس والمستشفيات لأضرار جسيمة.
ولكن ما علاقة مصر بهذا العلاقة أن مصر معرضة لكارثة محققة مثل كارثة ليبيا بل قد تكون أشد فتكاً من كارثة ليبيا وذلك بسبب سد النهضة الذي سعت أثيوبيا إلى بناؤه رغم كل الجهود الدولية التي بذلت لمنع بناء هذا السد، والحقيقة أن أثيوبيا أعلنت في فبراير 2011 عن عزمها إنشاء سد على النيل الأزرق، والذي يعرف بسد هيداسي على بعد 20-40 كم من الحدود السودانية بسعة تخزينية تقدر بحوالي 16.5 مليار متر مكعب ، وقد أسندت بناء هذا السد إلى شركة ساليني الايطالية بالأمر المباشر وأطلق عليه مشروع إكس، لكن سرعان ما تغير الاسم إلى سد الألفية الكبير، ووضع حجر الأساس في الثاني من إبريل عام 2011، ثم تغير الاسم للمرة الثالثة في نفس الشهر ليصبح سد النهضة الأثيوبي الكبير.
هذا وقد أشار وندد الكثير من الخبراء بالآثار السلبية لبناء سد النهضة على مصر والسودان، وكشف الخبير المصري الدكتور عباس شراقي عن الآثار السلبية للملء الرابع للسد الإثيوبي، حيث أدى الملء الرابع للسد إلى فقدان أولي لمصر قدره 24 مليار م3 من الإيراد السنوى للمياه، على أن يعود إليها جزء من هذه المياه بعد تشغيل التوربينات على سد النهضة، مضيفًا أن الجزء المسترد من المياه يقدر بنحو 12 مليار متر ما يعني أن مصر فقدت أوليًا 24 مليار متر مكعب وبعد عودة 12 مليار متر مكعب سيكون قد فقدت المتبقي وهو 12 مليار متر مكعب.
هذا بالإضافة إلى أن سامح شكري وزير الخارجية المصري قد أكد خلال إلقائه بيان مصر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة على أن مصر تواجه ندرة مائية حادة، والعجز السنوي يزيد عن 50% من احتياجات مصر المائية، مما يضطرها إلى إعادة استخدام المياه لعدة مرات.
هذا وقد أكد الخبير المصري الدكتور عباس شراقي على أن “سد النهضة يُعد أكبر من السدين (الليبيين) معًا بحوالي 3000 مرة، ومنطقة سد النهضة تزيد عن درنة في خطورة الفيضانات السنوية والانحدارات الشديدة والنشاط الزلزالي الأكبر في القارة الأفريقية، كما أكد شراقي على أنه في حال انهيار السد أو تفجره وبعد أن تقوم إثيوبيا بتخزين نحو 18 مليار متر مكعب أو اكتمال بنائه وتخزين 74 مليار متر مكعب ففي هذه الحالة سيكون هناك طوفان أشبه بطوفان نوح، ولن تستطيع إثيوبيا تحمل واستيعاب تلك الآثار المدمرة التي قد تنجم عن تدفق نحو أكثر من 80 مليار متر مكعب من المياه بعد انهيار السدود السودانية، ووقتها ستختفي مدن وقرى بأكملها في السودان وإثيوبي، بينما سيكون لمصر الوقت المناسب لفتح مفيض توشكى أو قناطر فارسكور للتخلص واستيعاب المياه الفائضة.
وختم موضحاً أن المسافة بين سد النهضة والسد العالي نحو 2000 كيلو متر ووصول المياه من السد الإثيوبي حتى جنوب مصر قد يستغرق 6 أيام، وهي فترة كافية لوزارة الموارد المائية للتصرف ومواجهة الأزمة سواء بفتح مفيض توشكى أو جميع القناطر في البلاد.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن …هل ننتظر حتى يقع البلاء وخاصة بعد كارثة عاصفة دانيال وما ألحقته من خسائر في الأراضي الليبية…بالطبع لا…على مصر والسودان الوقوف يداً واحدة وإعداد عدتها تحسباً لوقوع مثل هذه الكارثة في أي وقت، وعلى أثيوبيا إيجاد حلول فعالة وذات جدوى لمواجهة مثل هذه الأزمة المدمرة في حال وقوعها…والسؤال الذي يطرح ذاته الآن …ماذا فعلت الدول الثلاث وفي مقدمتها مصر منذ وقوع كارثة دانيال لمواجهة خطر انهيار سد النهضة؟؟؟؟، ومتى ستتحرك الدول الثلاث لمواجهة هذه الأزمة التي قد تقع في أي وقت؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟