سحر الحلم والكنوز 

بقلم/ سالي جابر 

قراءة في رواية الخيميائي

الكل يبحث عن أسطورته الشخصية، لكن فينا من يفقد الرغبة في كل شيء حتى الحلم ويقف بعيدًا عنه ويغمد فيه نصل خيبته، يقف قرب يأسه الذي يُجمِّله في ” قدر الله” أوليس قدر الله جميلًا ! أم أننا لا نؤمن بأي شيء من شأنه أن يقربنا إلى الحلم لأننا نخاف. الرهبة من الشيء هي من تفقده معناه وصلاحيته، ونحن كلما اقتربنا من الحلم درجة زاد خوفنا منه درجات؛ لأننا نخشى التعب، نهاب اليأس، فبدلًا من إتباع إشارات الله لنا نجهلها حتى نكاد لا نرى شيئًا بوضوح.

حينما نتصفح رواية الخيميائي نجد أنفسنا بين السطور، نعاني درجات الألم، اليأس، الجمال، التأمل، ونسأل أنفسنا العديد والعديد من الأسئلة لنرى أنفسنا بوضوح ونأمل أن نكون مثل( سنتياجو) المتوهج بالبحث، المكلل بالأمل، القادر على العطاء، الناجح بلا سأم.

رواية الخيميائي للكاتب بولو كويليو

لعام 1988

ترجمة: جواد صيداوي.

الصفحات: 186

ترجمة الرواية بديعة تتناسب مع الثقافية المصرية، لقراءة بلا ملل.

الشخصيات:

 البعد الشكلي للشخصيات : الشخصيات في الرواية قليلة ووضع لها الكاتب تعريف في البداية.

البعد النفسي للشخصيات: وضع الكاتب المشاعر التي تجتاح كل شخصية في الرواية من خوف، حب، أمل، يقين.

إيقاع الرواية: تسير الرواية في تناسق رهيب، وانتقال رائع بين الأدوار والأحداث، حتى أن الكاتب وضح لنا قوانين جميلة في الحياة في عدد صفحات لا تزيد عن مائتي صفحة.

أحداث الرواية: تتحدث الرواية عن سنتياجو الذي أراد البحث والتنقل والترحال، وعمل راعيًا للأغنام حتى يستطيع السفر والتأمل، وكان يتحدث مع نعاجه كثيرًا ويقص عليهم ما يقرأه في الكتب، ويرى أن للنعاج لغة وأنه يستطيع فهم لغتها، إلى أن راوده حلم أكثر من مرة وذهب إلى امرأة غجرية لتفسير الحلم، ففسرته له بوجود كنز عند الأهرامات، وعندما تركها وذهب قابل رجلًا عجوزًا أهداه حجرين كريمين وأوصاه بأن يسير خطوات في تحقيق حلمه وقرر مساعدته شرط أن يأخذ من نعاجه، ولأن الكنز كان يلتمع في عيون سنتياجو قرر البحث عنه وبدأ رحلته التي قابل فيها العديد من الصعاب، قابل اللصوص، التاجر العجوز صاحب متجر البلورات، والرجل الإنجليزي الذي تعلم منه الكثير، وأيضًا الخيميائي…. كل شخصية منهم تركت فيه أثرًا بالغًا وتعلم منها .

مر برحلته في الصحراء التي ظل يتأملها حتى فهم لغتها، فهم لغة الكون التي أنجته من الموت المحقق في الصحراء، والتقى بفاطمة التي كاد أن يترك حلمه من أجلها، إلا لأنها ابنه الصحراء التي تفهم معنى خروج الرجال للحرب وتعيش من أجل لحظة عودتهم، فاستكمل حلمه ولكن المفاجأة كانت في السطور الأخيرة من الرواية، هل وصل إلى الكنز أم لا وماهو الكنز الذي فاز به أخيرًا؟ 

من خلال التعمق في الرواية نتعلم:

– ملاحظة الأشياء الصغيرة في حياتنا؛ وأن الجمال يكمن في التفاصيل الصغيرة.

– أن نعيش الحاضر ولا نقع فريسة الماضي الذي نخاف أن يتكرر ولا نخاف المستقبل 

– ‏الحلم؛ إذا لم نجد حلمًا واضحًا علينا أن نقوم بالتجربة للوصول إلى الحلم لأن الأحلام تعطي معنى للحياة.

– ‏اصغ إلى قلبك؛ فالناجين من الحياة يتبعون قلبهم 

– تفكير الأشخاص مختلف، وكل شخص نقابله في الحياة نتعلم منه شيئًا جيدًا.

– ‏محاولة أن تكون شخص أفضل ومتطور، ولا تقف كما أنت ولا تخشى شيء.

– ‏الدراسة والقراءة وتحديد الهدف فقط ليست ما يمكننا من بلوغ الحلم، بل علينا التأمل والصمت قليلًا.

– ‏إن أصعب الأوقات تلك التي لا نرى فيها أي إشارات، تسأل القلب فلا يجيب بل ينبض بشدة داخل الضلوع. لحظات الأمل الممغنطة ببعض اليأس، تلك العتمة التي تسبق شروق الشمس، التي فيها ربما يدب في نفوسنا اليأس والتراجع عن كل شيء.

– ‏البقاء في منطقة الأمان رغم رؤية كل شيء حولك يتحرك هو أخطر الأشياء في طريق حياتك، يجب علينا المرونة للتعامل مع كافة الأمور.

– ‏عندما نتعود رؤية الأشياء، لم ننتبه إلى وجودها.

– ‏تذكر دائمًا أن عليك معرفة ما تريده.

بعض الاقتباسات:

• عندنا ترغب في شيئٍ ما، فإن الكون بأسره يطاوعك على القيام بتحقيق رغبتك.

• ‏إنني مثل كل الناس، أرى العالم بمنظار من يريد أن تحدث الأمور كما يشتهي، وليس كما تحدث في الواقع.

• ‏لا تتخلَّ إطلاقًا عن أحلامك وانتبه إلى الإشارات.

• ‏عندما تحب تكتسب الأشياء معاني أكثر غِني

• ‏في الحاضر يكمن السر، وإذا انتبهت إلى حاضرك أمكنك جعله أفضل مما هو عليه، ومتى حسنت الحاضر، فإن ما يأتي بعد ذلك يكون أفضل أيضًا .إنسَ المستقبل، وعش كل يوم من حياتك وفق أحكام الشريعة، متكلًل على رحمة الله بعباده، فكل يوم يحمل الأبديه في صميمه.

• ‏أن الحب لا يمنع رجلًا من متابعة أسطورته الشخصية، لكن إذا حصل ذلك فلأن هذا الحب ليس بالحب الحقيقي الذي يتكلم لغة العالم.

• ‏من الطبيعي أن تخاف من أن تستبدل بكل نجاحاتنا السابقة حلمًا.

• ‏إن الإنسان السعيد هو من يحمل الله في أعماقه.

• ‏لا تستسلم لليأس. إن ذلك يمنعك من التحاور مع قلبك 

• ‏كل كائن على هذه الأرض يؤدي دورًا أساسيًا في كتابة تاريخ هذا الكون، وهو بصورة طبيعية لا يدرك شيئًا من هذا الواقع.

سحر الحلم والكنوز
Comments (0)
Add Comment