بقلم _ نهال يونس
يلجأ الأشخاص من أصحاب النوايا الشريرة في كثير من الأحيان إلى استثمار الحكم على الآخرين لينسبوا إليهم أخطاء وأفعال، الهدف منها الإساءة إليهم لتشويه صورتهم وإلحاق الضرر بهم.
إذا كنت من أولئك الذين جعلوا أنفسهم حكّامًا على الآخرين، وأن لديك الحقّ في إطلاق الأحكام يمْينا ويسارا حول سلوكيات الناس وتصرفاتهم وأخلاقهم وممارساتهم، فاعلم أن هذه عادة سيئة، بل قد تكون من أسوأ العادات، خاصة عندما يلجأ البعض إلى الحكم على الآخرين بهدف التهكّم والاستمتاع، وتشويه السّمعة.
إلّا أنّ الحكْم على الآخرين قد يحمل معه الشر المستطير، خاصة إذا كان صادرًا عن أشخاص من ذوي النوايا السيئة، ولا غرابة في هذا، فالحكم سَهل، ولا يتطلَّب الكثير من التفكير، فعقولنا “ملقّمة” لإصدار الأحكام التلقائية المتعلقة بسلوكيات الآخرين وأفعالهم ،فعلى الرغم من أن الحكم على الآخرين هو غريزة طبيعية، فإنه يجب عليك أن تحاول ضبط النفس قبل أن تتحدث بسوء، أو ترسل رسالة خاطئة مسيئة قد تسبب ضررًا محتملًا ،يجب أن تأخذ جانب الحذر حتى لا تكون أحكامك على الآخرين وسيلة لتكذيب المخاوف التي لديك، من هنا، فمن الحكمة أن تعمل على نقاط قوتك، إن إدراك ما ستقوله أو ما تقوم به، يُعد خطوة مهمة على طريق التوقف عن إصدار الأحكام بحقّ الآخرين. حاوِلْ تغيير أفكارك الانتقادية إلى أفكار إيجابية، أو على الأقل، إلى أفكار محايدة.
في بعض الأحيان، قد تحكم على شخص ما بسبب شيء قمت به أو فعلته أنت بنفسك. على سبيل المثال، في المرة القادمة التي تَجد فيها نفسك وأنت تستشيط غضبًا من شخص ارتكب خطأ ما، اطرح على نفسك هذا السؤال : هل سبقَ لي أن قمتَ بنفس الشيء؟ لا شك بأنك فَعلت الشيء ذاته، فكيف سيكون شعورك لو أن الشخص الآخر أصدر حكمًا بحقك؟ من المؤكّد أنك لن تكون سعيدًا، إذا تصرَّف شخص ما بطريقة مزعجة، ربما يمر بمشكلات لا علم لأحد بها، لهذا فمن المهم الأخذ في عين الاعتبار بأن الأمر قد لا يتعلق بك، بل بالآخر أيضًا.
إذا كان يُغْريك إصدار حُكْم على شخص ما يختلف عنك، فحاوِل أن يكون ردّ فعلك الأول هو البحث عن نقاط التلاقي لا نقاط الخلاف معه، في النهاية نحن بشر، ومتشابهون أكثر من كوننا مختلفين ،من طبيعة العقل البشري البحث عن السلبيات، ولكن عندما نبحث جيدًا فإنه لا بد أن نعثر على شيء جيد في الآخرين، وهذا الأمر لا يأتي من تلقاء نفسه، بل يجب أن تدرّب عقلك عليه لكي تجده، لهذا فإنه يتطلّب بعض الوقت، فصبرٌ والصبر جميل.
إن الأحكام التي تُصدِرها بحقّ الآخرين تعكس عادةً احتياجاتك التي لم يتم تلبيتها فيك، وقد تكون الغيرة أو الاحباط هي الدافع. ابحَث عن الحاجَة التي لم يتم اشباعها بداخلك من أجل فَهم ذاتك، ولتحسين جوانب حياتك، ولتشعر بالرضا عن نفسك. إذا كنت تشعر بالرضا بما تعمله في جسدك، فلا حاجة بك لأن تَسْخَر من أوزان الآخرين أو من مظهرهم الجسدي ، لا تَحكُم على الآخرين من مظاهرهم ،عندما نلتقي بالأشخاص لأول مرة، فإننا غالبًا ما نُصدِر أحكامنا بحقّهم بناءً على مظاهرهم. لنتذكّر دومًا بأن المظاهر خادِعة، لذلك فإن الحُكْم على الناس سلبًا أو إيجابًا من دون معرفة أي شيء عنهم هو أمر خاطئ.
إذا كنت من هواة إطلاق الأحكام بحقّ الآخرين دائمًا، ألا تعتقد أنه قد حان الوقت لكي تتوقّف؟ ضَع في ذهنك أن هذا السلوك هو مَضيعة للوقت، فبدلًا من إضاعة الوقت في الحكم على الناس، اعمل على تحقيق أهداف ثمينة ذات قيمة، وابذل قصارى جهدك لتحقيقها، ألا تعتقد بأن الحياة ستكون أسهل وأكثر سعادة ، بدل قضاء وقتك في تأويل وصياغة أحكام قد تحمل في طياتها ردود أفعال ومواقف غير محمودة العواقب!
ختاما، تذكّر دومًا أنك ترتكب الأخطاء، وأن الآخرين يرتكبون الأخطاء مثلك تمامًا، فلا أحد معصوم عن الخطأ ، قد نَحكُم على الآخرين لأننا لا نعرفهم جيدًا، أو بسبب اختلاف قيمهم الأخلاقية والثقافية، أو بسبب سلوكياتهم، أو لأننا نعتبرهم بأنهم قد يشكّلون تهديدًا محتَملا أمام تطلعاتنا المستقبلية
مهلًا، إذا كنت محاطًا بأناس لديهم عادة سيئة في الحكْم على الآخرين، فإن وجود أمثال هؤلاء في محيطك لن يوفر لك المساحة الآمنة للتخلص من تلك العادة، لأنهم لن يتردّدوا لحظة واحدة في إطلاق الأحكام عليك عندما لا تكون في حَضرتهم.
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية