كتب د _ عيد علي
انصرفنا عما خلقنا من أجله إلى ملذات وشهوات الدنيا ونسينا أو تناسينا النهاية المحتومة لذلك يجب ان ندرك جيدا أن الإنسان عليه أن يخرج من الدنيا بنفس مطمئنّة، ليس عليه تبعة لله وتبعة للنّاس، وقد قام بعمل الخير، وقد عبّر عن ذلك الإمام عليّ عندما سئل: ما الاستعداد للموت؟ قال: ” أداء الفرائض، واجتناب المحارم، والاشتمال على المكارم، ثم لا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه، والله ما يبالي ابن أبي طالب أوقع على الموت، أم وقع الموت عليه “.
ويدعو الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة عباده المؤمنين إلى أمرين:
أوّلاً: أن يكونوا على استعداد دائم للقاء ما كتب على كلّ إنسان، وهو الموت، والموت بالنسبة إلى المؤمنين ليس نهاية الحياة، بل هو بالنّسبة إليهم الباب الذي منه يدخلون إلى لقاء الله.
وهذا الاستعداد ينبغي أن يكون في كلّ وقت، لأن لا أحد يستطيع أن يضمن حياته، وأن لا يأتيه الموت من حيث لا يحتسب، وهو لا يفرّق بين صغير وكبير، ولا بين غنيّ وفقير، ولم يُستثنَ منه الأنبياء والأولياء والصالحون.
وهذا ما أكّده الله سبحانه عندما قال: { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }
وقال في آية أخرى: { أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ }
وقال في آية أخرى: { قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }
وقد قال لرسوله ( ﷺ ): { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ }
وقد ورد في الحديث: ” بادروا الموت وغمراته، ومهدوا له قبل حلوله، وأعدّوا له قبل نزوله “.
والاستعداد للموت لا يعني، كما قد يعتقد البعض، أن يعيش الإنسان هاجس الموت والخوف منه أو أن ينتظره، فتتعطّل بذلك حياته، بل أن يقوم بكلّ ما يؤدي إلى أن ينتقل بعد الموت إلى ما وعد الله به عباده، عندما قال: { الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ }
{ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي }
وبهذا يدرك المؤمن الكيس الفطن أن مهما كانت الدنيا بمغرياتها وهوى النفس وحبها للشهوات أن الموت قادم لا محالة فوجب علينا الوقوف مع النفس وترك الشهوات ومعصية الله قبل ان يأتي الندم فى يوم لا ينفع فيه الندم فاستعدوا للموت تفوزون دنيا وآخرة
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية