كتب د _ عيد على
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ }
وقد حثت الأحاديث الشريفة إلى جانب الآية على القيام بها وعدم إهمالها، وأن تكون حاضرة لدى الإنسان دائماً، حيث ورد عن رسول الله (ص) أنه قال: “الوصيّة حقّ على كلّ مسلم” (أي واجب عليه)، وفي الحديث: “ما ينبغي لامرئ مسلم أن يبيت ليلة إلا ووصيته تحت رأسه”.
ومع تمسك المسلمون بالوصية نجد الأمريكان يهربون منها
حيث يرجع الخبراء الأمريكان أنّ الأمر بالنسبة لكثير من الناس، مردّه إلى التردد الطبيعي في الحديث عن وفاتهم.
قالت باربرا براغانزا، الاختصاصية الاجتماعية التي عملت لمدة ثماني سنوات في منظمة “أون لوك” المجتمعية التي تقدم خدمات لكبار السن في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية: “عندما لا يرغبون بالتحدث عن أي أمر يتعلق بالموت، سيقولون: أطفالي سيتعاملون مع الأمر”. فأجيبهم: “أوه، هل يعرف أطفالك ذلك؟ هذه حوارات مفتوحة مثالية
وتوصي براغانزا بأن يبدأ الناس بإثارة هذه القضايا مع أهلهم المسنين تدريجيًا، وتقديم سيناريوهات وخيارات مختلفة. وفي نهاية المطاف، سيحتاج الشخص إلى التوقيع على وثائق قانونية تعكس رغباته بشأن الجهة التي يفترض الاتصال بها في حال الطوارئ، ومن يمكنه اتخاذ القرارات بشأن صحته، وتحت أي ظروف قد يرغب أو لا بإنعاشه.
وقد يتردّد الأولاد في فتح هذا النوع من المواضيع، لكن بحسب ما قالته براغانزا: “قد يحدث شيء ما حيث يتعيّن عليك اتخاذ قرار على الفور”، مضيفة: “نريد تجنب ذلك”.
يقول علماء الشيخوخة والاختصاصيون الاجتماعيون إنّ تدهور الحالة الصحية أو الحوادث، غالبًا ما تدفع بكبار السن وأسرهم إلى إدراك الشيخوخة والتخطيط لها، لكنّ هذه النقاشات لا ينبغي أن تنتظر حتى يصبح الناس مسنين.
ولفت أندرو شارلاش، أستاذ الشيخوخة الفخري بكلية الرعاية الاجتماعية في جامعة كاليفورنيا ببيركلي، إن المحادثة يجب أن تبدأ باكرًا وتستمر طوال حياة الشخص. ولا ينبغي أن يقتصر الأمر على الشيخوخة، بل يجب أن يمتد أيضًا إلى الحياة المهنية والتخطيط المالي وجوانب أخرى من الحياة.
أما المسلمون فدائما ما يكونوا على استعداد دائم للقاء ما كتب على كلّ إنسان، وهو الموت، والموت بالنسبة إلى المؤمنين ليس نهاية الحياة، بل هو بالنّسبة إليهم الباب الذي منه يدخلون إلى لقاء الله، ليواجهوا المسؤوليّة بين يديه. وهذا الاستعداد ينبغي أن يكون في كلّ وقت، لأن لا أحد يستطيع أن يضمن حياته، وأن لا يأتيه الموت من حيث لا يحتسب، وهو لا يفرّق بين صغير وكبير، ولا بين غنيّ وفقير، ولم يُستثنَ منه الأنبياء والأولياء والصالحون.
وهذا ما أكّده الله سبحانه عندما قال: { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }
والاستعداد للموت لا يعني، كما قد يعتقد البعض، أن يعيش الإنسان هاجس الموت والخوف منه أو أن ينتظره، فتتعطّل بذلك حياته، بل أن يقوم بكلّ ما يؤدي إلى أن ينتقل بعد الموت إلى ما وعد الله به عباده، عندما
فالاستعداد للموت، إذاً، هو أن يخرج الإنسان من الدنيا بنفس مطمئنّة، ليس عليه تبعة لله وتبعة للنّاس، وقد قام بعمل الخير، وقد عبّر عن ذلك الإمام عليّ رضى الله عنه عندما سُئل: ما الاستعداد للموت؟ قال: ” أداء الفرائض، واجتناب المحارم، والاشتمال على المكارم، ثم لا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه، والله ما يبالي ابن أبي طالب أوقع على الموت، أم وقع الموت عليه “.
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية