بقلم/ إبراهيم الديب
بتكون الكتاب من… أربعة فصول …
– الفصل الأول النشأة..
-الفصل الثانى؛الكاتب..
‘الفصل الثالث الناقد..
‘الفصل الرابع الشاعر..
من خلال قراءتك للكتاب ؛تشعر من خلال القراءة أن شوقي ضيف؛ صاحب العقاد ؛ليس حبا فى كتابة دراسة عنه ،ولكنه حب وإعجاب بفكر العقاد وشخصيته ،العصامية التي جمعت في انسجام تام بين الثقافة العربية والفكر والفلسفة والثقافة الغربية ليضفر العقاد بذلك في جديلة واحدة متماسكة بين آداب وفلسفة الغرب وفكره، وبين روح الشرق وحكمته فى نسيج واحد لتتحول بعد ذلك لثقافة تمثلها حتى أصبحت جزءا من شخصيته تحمل بصمته.
لكل من لم يقرأ للعقاد من قبل ، وأراد أن يتعرف على حياته وفكره وخطوط شخصيته الأساسية وتكوينه أنصحه أن يقرأ “كتاب مع العقاد “لشوقي ضيف فهو لم يترك شيء من نشأته فى الفصل إلا والقى عليه ؛الضوء وأيضا فى الفصل الثاني الذى خصصه لمقالاته وعبقرياته الإسلامية الشهيرة وأيضا قصته الوحيدة سارة والتي تقترب أكثر من التحليل العقلي النفسي .
تناول الدكتور شوقي ضيف في الفصل الأول نشأة العقاد في أسوان ثم انتقاله للقاهرة مبرزا صفاته النفسية الجسمانية وبداية تفتح وعيه وعشقه للقراءة و بداية اختبار قدراته في التعبير عن نفسيه منذ الصغر من خلال الكتابة ،ونجاحه النشر في الصحف حتى وقف على سر نفسه تماماً وأدرك أن موهبته ، ومستقبله في قابل الأيام و نبوغه وعبقريته ستكون من خلال الفكر و أن مجده ومكانته الاجتماعية التي بتبوأها سيكون الدافع الأول لها الثقافة .
أما الفصل الثاني فقد تناول فيه شوقي ضيف الضوء على مؤلفات العقاد وعلى ملامح العصر الذي عاش فيه وكونه أما أبرز ملامح عصر الاحياء الذي كان العقاد أحد رواده ،ثلاثة تيارات فكرية تيار ثقافي : يتبنى الفكر والثقافة الغربية؛ قلبا وقالبا وكأنه وكيل له يروج له على أرضنا ، أما التيار الثاني فهو الغارق في الماضي والقبض على التراث بل ويرى فيه حل كل معضلة تعترض طريقنا في الحاضر ويحتوي بداخله على ملامح مستقبلنا، أما التيار الثالث الذي ينتمي إليه طه ومحمد حسين هيكل والحكيم والعقاد بالطبع فكان تيارا وسطاً بينهما ، وكان من رأي رواده أنه ليس هناك ما يمنع أن نجمع بين تراثنا وتيار الحداثة الغربي ، وأعتقد أن أعضاء هذا التيار نجحوا فى ذلك كثيرا ، فقد قرأ العقاد الآخر من خلال الانا والعكس صحيح وأبرز من خلال هذه القراءة ملامح المشترك الحضاري بينهما بالمقارنة والمنطق مستعيناً بثقافته الغربية وهضمه لها وتمثل نظرياتها النقدية الفلسفية والأدبية وتعمقه لها كأنها له بعد أن أعمل فكره فيها.
يعتبر أغلب المثقفين والقراء أن العبقريات تحتل مكان الصدارة بين مؤلفات العقاد وأنها أفضل وأعمق ما كتب وأنها ليست سيرة وترجمة لحياة هذه الشخصيات بالمعنى المألوف لكتب الترجمة ،فكان العقاد يعنى فيها بتحليل الشخصية الإنسانية وراعي فيها بأن لا يصعد بالشخصية إلى ذروة الكمال ، ولم يقم أيضاً بتمزيق الشمائل التي تتدثر بها لتحتفظ الأمة بشخصياتها المثالية لتظل مثل يحتذي لشباب الأمة، والتي بدأها العقاد محمد عليه الصلاة والسلام عظيم بالمقدار الذي يدين به كل انسان في أي مكان على ظهر البسيطة ،ولا يدين به كل مسلم وفقط ،ف أبرز أهم صفاته وهي الرحمة والبر والعطف والشرف أثناء ممارسته لها من خلال مواقف في حياته اليومية ،وفقا لأسمى مبادئ الخلق الاجتماعي . أما دراسته لعمر بن الخطاب فكان سر مفتاح هذه الشخصية التي تناولها على ضوء تحليل النفس فهو الجندية في جانبها الإيجابي من شجاعة والصرامة والحزم والخشونة والغيرة والشرف ، وهو نفس مفتاح خالد بن الوليد ولكنه لا يتمتع بصفات عمر بن الخطاب التي تغلب عليها صفات الجندي من الناحية الروحية والضمير والعطف الإنساني ،أما خالد فكانت تغلب عليه صفات الأخلاق الدافعة الهاجمة ، ثم يتناول الإمام على الذي لم يتأخر في العثور على مفتاح شخصيته ويتمثل في أخلاق الفروسية التي تجمع بين النخوة والأنفة وكأنها صفات جبلت عليها فطرته أما حياته فكانت تعبير عن هذه الصفات وضرب لكل شخصية من التي عدة أمثلة ليس هتا مقام لذكرها ،حتى استحالت كل من تناولها من شخصيات لكتاب مفتوح.
اما كتبه في الفكر الاسلامي منها :الفلسفة القرآنية، والتفكير فريضة إسلامية, حقائق الإسلام واباطيل خصومه, والإنسان في القرآن ،وما يقال عن الإسلام ، وابن رشد وابن سينا والإمام الغزالي وغيرها ،فجاءت مادة هذه الكتب تفصيل لما أجمله استاذه الامام محمد عبده من قضايا كان فيها متأثراً بمنهج الفكر الاعتزالي وهذه المجموعة من الكتب اعتبرها الناقد جلال العشري أنها تمثل جانباً مهماً في أركان المكتبة الفلسفية الإسلامية المعاصرة ، وقد شبه جلال العشري حمال الدين الأفغاني بسقراط، والشيخ محمد عبده بأفلاطون، وعباس العقاد بأرسطو، مقارنا بذلك بين الفكر اليوناني والفكر الإسلامي .
وأما الفصل الثالث الذى خصصه للنقد وتناول فيه مقاييسه للنقد الجديد الغربي؛ وأفرد فيه الصفحات الطويلة لنظرية الشعر الذى ابرز ملامحه الوحدة العضوية التي استند فيها على مهاجمة أحمد شوقي أمير الشعراء الذي اخضعه العقاد لمقاييس الشعر الرومانسي وخاصة نظريات النقد الإنجليزي بأنه لم يراعي في أشعاره هذه المقاييس ، أولها أنه يلتزم الوحدة العضوية للقصيدة وأن الأحداث تتولد من بعضها كما المولود من الرحم ،ولا يأتي بعضه بعد بعض متواليا ،وانه شاعر مناسبات وأن شعره لا يصدر عن تجربة ذاتية ومكابدة ومعاناة روحية ونفسية للحياة ،وأنه لا يملك ولا يقدم من خلال تجربته تصور ؛ تجاه الحياة والكون ،ولا يصدر عن فلسفة تحمل وجهة نظر الشاعر كتعبير رؤيته العميقة كنظرية متكاملة , وأنهه لو حذفت بعض الابيات فلم تختل القصيدة التي تعبر أو تعالج كل مجموعة من أبياتها موضوع أو قضية مختلفة لتبتعد بذلك عن مقاييس النقد الرومانسي وتبنى نفس المنهج وشاركه فيه صديقه إبراهيم عبد القادر المازني، والشاعر عبد الرحمن شكري فقد أودع ثلاثتهم نظريتهم في النقد فى النقد بين دفتي”كتاب الديوان فى الأدب النقد ” قبل أن يختلف معهما عبد الرحمن شكري ليظل العقاد والمازني جسران عبر من خلالهما كثيرا من ثقافة الغرب إلينا وحفر لنفسه في نفوس القراء ليمس بذلك وعيا مماثلاً بداخل عقولهم ،وهذا التيار هو من كان له الصدارة في تشكيل عقل الأمة، أبرز الدكتور شوقي ضيف أيضا مقارنة العقاد أحمد شوقي بالبارودي وكان سر اعجاب العقاد البارودي مع اعتراف العقاد أن شوقي أشعر منه،وسبب ذلك الاعجاب أن شعره تجربة ذاتية فقد صاغ كثيراً من الأحداث القومية للأمة العربية الإسلامية في ديوانه ليعكس حياة أمته وآمالها واحلامها تتخلل ابياته تنام داخل قصائده ، وله الفصل أيضاً في تحرير اللغة العربية من الزخرف المتمثل في البديع والجناس والطباق الذي علق بأسلوبها وكأن الكاتب لا يرجوا شيئا أبعد من ذلك،منذ عصر المماليك مروراً بالعصر العثماني فكبلها عن أداء وظيفتها، ففك البارودي اللغة واطلقها من كل هذ الاغلال لتؤدي وظيفتها كوعاء للفكر وحاملة لترثنا ، لغة جزلة رصينة،أما نموذج الشاعر العربي الذي يعد نموذجاً لتطبيق نظرية الشعر الرومانسي فكان الشاعر ابن الرومي لأن حياته هي شعره وشعره هو حياته لا تستطيع الفصل بينهما ، فهو ابن الرومي الذي افرض له العقاد أجمل دراسة
أما الفصل الرابع والأخير ففد خصصه الدكتور شوقي لشعر العقاد الذى كان يمر على عقله ولا يصدر عن نفسه ووجدانه ولذلك غلب وطغى عليه الفكر والفلسفة ليفقد بذلك أهم مميزاته ممثلة فى الموسيقى وبعض الغموض والغناء و الخيال وهي ملامح بارزة ومقومات أساسية استند إليها شعرنا العربي على مدار تاريخه منذ العصر الجاهلي، فجاء شعر العقاد تكملة لمنطقه الصارم أو بقية لتفكيره العقلي ولكنها موزونة ومقفاه ، متخليا بذلك موسيقاه الداخلية ومخاطبة نفس ووجدان القارئ متخليا بذلك عما بضفي على الشعر غلالة ضبابية تزيده سحراً وجمالاً ..
أعتقد أن الدكتور شوقي وفق بقدر كبير بالوقوف على شخصية العقاد قبل أن يغوص في نفسه ,ويعرض لنا في فصول كتابه ،: فكره وأدبه وثقافته…