سامح بسيوني
أم موسي تخاطب نفسها( إلهي أشكركَ أيها الإله المعبود لقد رددت إلى قرة عيني وعاد إلى الأمل بعد الغياب فاللهم لكَ الحمد والشكر.
الأم تقترب من قصر فرعون والقلب يزداد لوعة واشتياقًا، وتتمنى بأن تصبح طائرًا يحلق في السماء فيخفض جناحيه؛ رحمةً واشفاقًا لوليدها.
الحراس يستأذنون السيدة ٱسيا بدخول المرضعة الجديدة، وتأمرهم بأن تدخل على الفور؛ وهي الٱن في طريقها إلى حجرة الوليد، والقلب يزداد لهيبًا واشتياقًا لوليدها، وباب الغرفة يفتح في بطء شديد، وتدخل الأم والوليد يلتوي؛ جوعًا وصراخًا وتأخذه الأم بين أحضانها وتضمه إلى صدرها ودموع قلبها يملأ الكون حبًا وعطفًا.
وٱسيا تستعجب لأمر هذه المرضعة؛ فلقد اطمأن الوليد لها وسكنت جوارحه وأصبح يرضع من ثديها، وهو مطمئن الحال والبال.
فسبحان مغير الأحوال من حال إلى حال، فرعون يبحث عن مولود سيكون سببًا في هلاكه، فيأتي إليه الطفل إلى قصره ويصبح القصر على قدم وساق لهذا المولود إن في ذلك لعبرة لأولى الألباب.
ويترعرع الصبي في القصر بين رعاية أمه وعطف سيدته ٱسيا له، ويكبر أمام عينها فتزداد حبًا له كحب الأم وليدها.
ويخرج موسى إلى مجتمعه؛ فيتعايش معه كإي إنسان فيختلط بمشاكله وأحزانه، فذات يوم يجد مشاجرة بين رجل من بني إسرائيل، والٱخر فرعوني فيتدخل لنصرة هذا الرجل الذي من بني إسرائيل فوكز موسى الفرعوني على صدره فقضى عليه.
وعندئذ وقع في مأزق شديد موسي يقول في نفسه( أنا لا أقصد قتل نفسًا وإنما كانت نيتي خيرًا إلهي ماذا أصنع مع بطش فرعون إنه من عشيرته ولن يمر هذا الموقف مرار الكرام دلني إلهي.
وهو غارق في تخيلاته يجد نفس الرجل الذي وقف بجانبه يتشاجر مع رجل آخر ويستغيث بموسى فوقع اللوم عليه وقال: له موسي إنك لغوي أثيم.
ويأتي رجل من أقصى المدينة يخبر موسي بأن القوم أتمروا عليه؛ لقتله وعندئذ عزم على الفرار، فتوجه إلى مدين خائفُا يترقب ماذا سيصنع به فرعون؟ فنزل وتوجه إلى ربه وقال: (إني لما أنزلت إلى من خير فقير)
وهو سارح مع نفسه، وجد بئرُا اجتمع عليه الناس؛ من أجل السقيا ووجد امرأتين لا تستطيعا أخذ الماء إلا بعد الرجال فقال لهما: موسي ماخطبكما قالا: لا نسقي حتى يسقى الرعاء وأبونا شيخ كبير لا يستطيع مزاحمة الرجال الأقوياء، ونحن بحيائنا لا نقدر مزاحمتهن، فأخذ في نفسة الحمية والمروءة وقام بمساعدهن.
فأمر إحداهما بإحضار هذا الشاب القوي الأمين، فذهب موسي وقص عليه القصص، ومعاناته مع فرعون؛ فعرض عليه أن يستأجره ولكن لا يملك المال فكان المقابل أن يزوجه إحدى الفتاتين بأن يعمل عنده ثمان حجج فإن أكملها عشر فمن عندك(قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتمتت عشرا فمن عندك)وبالفعل أتم موسى الأجل وخدم الرجل الصالح دون كلل أو ملل وتزوج إحدى الفتاتين.
وبعد طول غياب أحس فيها بالغربة والوحشة اشتاق إلى وطنه وأهله؛ فعزم على أن يعود إلى وطنه فأخذ أهله وشرع في السفر إلى وطنه وفي أثناء الطريق ضل الطريق وتاه، وكانت ليلةً شديدة البرودة. فوجد نارًا من بعيد فأمر أهله بالمكوث لعله يجد على النار هدى.
فصعد موسى على جبل الطور؛ ليستطلع الأمر فسمع صوتًا يناديه يا موسي، وهو يلتفت شمالًا ويمينًا
يتبع…
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية