بقلم _السيد عيد
الساعة تشير إلي التاسعة مساءا إنه موعد نشرة الأخبار
اتخذت موقعي في منتصف الأريكة، أقضم سندويش العشاء ومنعت الجميع من الصوت العالي أو الحركة الزائدة، بحيث لا صوت يعلو على صوت نشرة أخبار التاسعة.
طلت علينا قارئة النشرة .انيقة ..بسيطةـ جذابة …مبتسمة …ترتدى ألوانا زاهية مفرحة وهو ماجعلنى اتفاءل واصغى اليها
بدأت النشرة بكلمة عاجل تظهر علي الشاشة بخط عريض .. سماع دوي صافرات الإنذار من غارات جوية، في جميع أنحاء أوكرانيا، عمل ارهابى في بوسطن بأمريكا …زلزال مدمر فى اليابان ….انفجار سيارة مفخخة فى العراق …اسرائيل تشن غارات جوية علي فلسطين ، مجازر جديدة فى سوريا …و مع كل خبر صور تنقل مشاهد المصابين والدماء والقتلى فى اقاصى الأرض وادناها …وفى نهايه النشرة عادة يختمون بخبر طريف كان عبارة عن صدق أو لا تصدق.. إنخفاض كبير في أسعار السلع .
وقتها لم يكن بمعلومي أن تلك النشرة من العوامل التي أدت الي ارتفاع ضغط الدم عندي وزيادة نسبة الاكتئاب والملل
أصبح الخبر في بلادنا يعبر عن كارثة او حادثة أو مصيبة
أين الأخبار المفرحة.. أين ذهب السلام ؟
أصبحنا نقدم نشرة الأخبار مع بعض البهارات اللازمة لتقديم وجبة أخبار دسمة تجذب المشاهد من أذنيه وعينيه وباقي حواسّه ليشعر بعدها بتخمة ، ليأتي دور «المحللين السياسيين» الذين يكملون ما تبقى.
لماذا أصبح العالم ملوث بدماء البشر بالتفجيرات والقتل
فقد اعتدنا علي مشاهدة مناظر القتل والدمار والخراب
لم تعد بيننا كلمة انسانية تجردنا منها وتعاملنا بوحشية من أجل المصلحة الشخصية.
البقاء للأقوي
رسخت نشرات الأخبار والبرامج مفهوم البقاء للأقوي وكأننا نطوف حول عالم البراري أو البحار ولقطات افتراس الأسد للغزالة ، هجوم الذئاب وهي تنقّض على فرائسها الأضعف، وتصادم قرون الأغنام ببعضها. “فالأقوى هو فقط من سيبقى على قيد الحياة”، هو من سيستمر، سواءً بين الأنواع المختلفة أو من بين مجموعته ونوعه.
عزّز الإعلام ترسّخ هذا المفهوم الدرامي سواء كان في العناوين الرئيسية لهذه البرامج أو من خلال العبارات التي يصف فيها المذيع مشهد الافتراس؛ مشهد الدماء والعنف والدمار وكأنه قصة مسلية
هل باتت نشرات الأخبار “ذكرى” من الزمن الجميل بعد أن أصبنا بتخمة اخبارية؟!!
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية